في ظل الصمت الدولي.. العالم يواجه كارثة مناخية تحت وهج النيران

في ظل الصمت الدولي.. العالم يواجه كارثة مناخية تحت وهج النيران
حرائق الغابات - أرشيف

في ريف مدينة عفرين السورية، حيث كانت الغابات تتغنى بالخضرة، بات المشهد اليوم مختلفًا تمامًا، رائحة الدخان تزاحم رائحة الزعتر البري، وألسنة اللهب تبتلع الأشجار التي وقفت صامتة لقرون، لم تعد الطيور تغني هناك، ولا ظلّ لأطفال يلعبون تحت الأغصان. فقط رماد، وذاكرة محترقة.

وسط هذه الفوضى البيئية، تقف ألماز رومي، الرئيسة المشتركة للجنة البيئة في مقاطعة الفرات، كمن تشهد على جنازة الطبيعة، تقول وعيناها تلمعان بالقلق: "بيئتنا تواجه خطرًا حقيقيًا.. الطبيعة تصرخ، ونحن لا نصغي"، بحسب ما ذكرت وكالة " JINHA"، اليوم الثلاثاء.

تتحدث رومي بمرارة عن مشهد يتكرر: "الحروب أنهكت التوازن المناخي، الصناعة أطلقت العنان للخراب، والانفجارات قضت على الغابات، والاحتباس الحراري لم يعد نظرية، بل نار تأكل الأخضر واليابس".

وبعين خبيرة ووجع امرأة تنتمي إلى الأرض، تشير رومي إلى أن العلاقة بين الإنسان والطبيعة لم تكن دائمًا بهذا السوء، "كنا نعيش بتناغم، نأخذ من الطبيعة بقدر حاجتنا. لكن الآن نستنزفها، نخنقها، نحرقها.. وكأننا ننتحر ببطء".

لا تمييز بين الماضي والمستقبل

في الصيف الحالي، شبّت النيران في جبال الساحل السوري، وغابات السويداء، وسهول عفرين، تقول رومي: "هذه ليست حرائق طبيعية.. بعضها مُدبّر. تُشعل عمداً لأهداف عسكرية أو اقتصادية أو سياسية، الغابات التي احترقت عمرها مئات السنين، كيف نعوّض ذلك؟".

صور التدمير الممنهج تملأ حديثها: "ليست مجرد أشجار تُحرق، بل تراث بيئي، أنظمة بيولوجية، بيوت للطيور، وملاذات للحيوانات. نحرق أنفسنا ونحن لا ندري".

وفي مشهد آخر لا يقل إيلامًا، تتحدث ألماز عن درجات الحرارة التي وصلت في بعض مناطق شمال سوريا إلى ما يقارب 50 درجة مئوية، "في طفولتي لم تكن الحرارة تتجاوز 35.. الآن نحترق نحن أيضًا، نحن الذين أشعلنا النيران في الكوكب"، تقولها بصوت متحشرج.

تشير رومي إلى فيضانات وزلازل وعواصف تتزايد عالميًا، ثم تسأل: "هل هذه الطبيعة التي عهدناها؟ الكون خرج عن طبيعته، ونحن ندفع الثمن".

استغاثة من قلب الطبيعة

بالنسبة لألماز، لم يعد الصمت خيارًا.. تدعو كل من يملك صوتًا أن يرفعه من أجل البيئة: "كل تأخير في التحرك هو كارثة قادمة. إذا لم نبدأ الآن، فلن يبقى لأطفالنا شيء من هذا الكوكب".

وتشدد على أهمية الوعي، والتخلي عن السياسات التي تجعل من البيئة ساحة حرب: "هذه ليست أزمة محلية، بل قضية إنسانية، فحماية الطبيعة ليست رفاهية، بل مسؤولية وجودية".

وفي ظل اشتعال الغابات في سوريا ولبنان واليونان، ومع تصاعد درجات الحرارة عالمياً، تتزايد الحاجة لتغيير جذري في سلوك الإنسان تجاه البيئة. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية