"أنقذوا المختطفين".. أمهات يصرخن من وجع الغياب والحرب في اليمن
"أنقذوا المختطفين".. أمهات يصرخن من وجع الغياب والحرب في اليمن
في بلد أنهكته الحرب والصراعات السياسية، تظل قضية المختطفين والمخفيين قسريًا من أكثر الملفات الإنسانية وجعًا وإهمالًا، لا تُقاس المعاناة بالأرقام فقط، بل بوجوه الأمهات والزوجات والأبناء الذين ينتظرون خبرًا عن أحبابهم، منذ سنوات، بلا أمل يلوح.
تُحاصر آهات المختطفين قضبان السجون، ويُحاصر أسرهم صمت المجتمع الدولي في حين تستمر المعاناة اليومية، حيث لا محاكمات عادلة، ولا ظروف احتجاز إنسانية، بل غياهب من الإخفاء والانتظار القاتل.
ونظّمت رابطة أمهات المختطفين، أمس الثلاثاء، وقفة احتجاجية في مدينة تعز جنوب غرب اليمن، شاركت فيها أمهات وزوجات وأقارب لمختطفين ومخفيين قسراً، للمطالبة بالإفراج الفوري عن ذويهم، وتفعيل هذا الملف الإنساني المؤجل، بحسب بيان للرابطة.
رفعت المشارِكات شعارات تطالب بالعدالة، وكسر الصمت، ووقف العذاب الممتد منذ أكثر من عشر سنوات، وأكدن أن الغياب القسري لأبنائهن ليس فقط اختطافاً للجسد، بل قتل بطيء للروح والكرامة.
أكثر من ألف مختطف
كشفت رئيسة رابطة أمهات المختطفين، أمة السلام الحاج، أن الرابطة وثّقت (1043) حالة اختطاف، تمكنت من الوصول إلى أسرهم والتحقق من أوضاعهم، لكنها شددت على أن الرقم الحقيقي أكبر بكثير، بسبب صعوبة الرصد وخوف كثير من الأهالي من التبليغ.
وطالبت الرابطة جميع الأطراف اليمنية بتحمّل المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة هؤلاء المختطفين، وعلى رأسهم ميليشيا الحوثي التي تحتجز النسبة الأكبر منهم.
وأكدت الرابطة أنها تلقت بلاغات متعددة بشأن تدهور الوضع الصحي للمختطفين، ولا سيما في السجن المركزي بصنعاء، حيث يُشتبه بإصابات بالكوليرا بسبب تفشي الإسهال الشديد بين السجناء، دون تقديم أي رعاية طبية.
واشتكى مختطفون آخرون في معتقل الأمن المركزي من ظروف صحية مشابهة، وسط تجاهل تام من قبل القائمين على السجون، لا دواء، لا علاج، لا اهتمام.
حملة "أنقذوا المختطفين"
أعلنت رئيسة الرابطة، على هامش الوقفة، تدشين حملة “أنقذوا المختطفين”؛ للمطالبة بتحريك هذا الملف الإنساني، وإنهاء المعاناة الطويلة، مشيرة إلى أن بعض المختطفين يقبعون في السجون منذ أكثر من عقد.
ودعت الرابطة الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي إلى التدخل الجاد، والابتعاد عن تسييس هذا الملف الحساس، لأن معاناة المختطفين وأسرهم لا تتحمل المزيد من التأجيل.
وشددت أمة السلام الحاج على ضرورة تقديم المختطفين للمحاكمة العادلة إن وُجدت بحقهم تهم، أو الإفراج عنهم فوراً، خاصة بعد أن قضى بعضهم عشر سنوات في المعتقل دون توجيه أي اتهام.
وأشارت إلى أن ما يجري في السجون من تعذيب وإهمال وسوء معاملة لا يليق بكرامة الإنسان، كما أن ارتفاع عدد حالات الاختطاف مؤخراً زاد من صعوبة التوثيق، وعمّق مأساة الأسر.
قصص الألم والعزلة
روت زوجات المختطفين قصص الألم والعزلة، حيث قالت هيفاء علي، زوجة أحد المختطفين: "زوجي مختطف منذ عشر سنوات. خرجنا مراراً في وقفات احتجاجية. تعبنا، طرقنا كل الأبواب، لكن بلا نتيجة".
وأكدت هيفاء علي أنها -مثل كثير من النساء- فقدت الأمل، لكنها تواصل النضال من أجل أحبائها.
"أنا تعبت.. غيري تعب.. ناشدنا المنظمات والحكومة والمجتمع الدولي.. ولكن لا أحد يسمع"، قالتها هيفاء والدمع في صوتها أكثر من الكلمات.
تعثرت مشاورات الحل
ذكّرت الرابطة بأن آخر جولة مشاورات بشأن ملف المختطفين عُقدت في مسقط في يوليو 2024، لكنها لم تُفضِ إلى أي تقدم، حيث اتهمت الحكومة اليمنية ميليشيا الحوثي بتعطيل ملف التبادل.
واشترطت الحكومة الإفراج عن السياسي محمد قحطان، المعتقل منذ 2015، شرطاً أساسياً لأي صفقة، في حين يرفض الحوثيون الكشف عن مصيره حتى الآن.
ولا تزال الزنازين مغلقة، ولا تزال أمهات وأبناء وزوجات المختطفين يستفيقون كل يوم على غصة الانتظار ومرارة الغياب، هذا الملف ليس ورقة تفاوض، بل وجع شعب، وانتهاك صارخ للحقوق.