بسبب تعنت ميليشيا الحوثي.. توقف الإغاثة يهدد ملايين النازحين في مأرب

بسبب تعنت ميليشيا الحوثي.. توقف الإغاثة يهدد ملايين النازحين في مأرب
إحدى الأسر النازحة في اليمن

أطلقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات السبت تحذيراً واسع النطاق من كارثة إنسانية وشيكة في محافظة مأرب، بعد توقف الجزء الأكبر من المشاريع الإغاثية نتيجة تصاعد الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي بحق العاملين في المنظمات الإنسانية.

وأفادت الشبكة أن نحو 90 في المئة من الأنشطة الإغاثية توقفت خلال الأسابيع الماضية، بالتزامن مع انسحاب معظم المنظمات الدولية العاملة في المحافظة خشية تعرض موظفيها للخطر.

ممارسات تعسفية 

ذكرت الشبكة  في بيان لها أن ميليشيا الحوثي تواصل تنفيذ ممارسات ممنهجة تستهدف العاملين في المجال الإغاثي، شملت الاحتجاز التعسفي والملاحقة والتهديد واقتحام المقرات وفرض قيود معقدة على توزيع المساعدات، بالإضافة إلى تحويل ملف الإغاثة إلى وسيلة للضغط والابتزاز السياسي.

وترى الشبكة أن هذه السياسات لا تهدد فقط سير العمل الإنساني، بل تعوق وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفاً في واحدة من أكثر المحافظات اكتظاظاً بالنازحين.

وتستضيف محافظة مأرب أكثر من مليوني نازح، وتؤكد الشبكة أن توقف المساعدات يهدد آلاف الأسر بالمجاعة ويعرض المخيمات المكتظة لانهيار شامل في خدمات الغذاء والمياه والصحة والإيواء.

وحذرت من ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء مع تراجع برامج السلال الغذائية والدعم النقدي، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني يتدهور بوتيرة متسارعة في ظل غياب أي ضمانات لاستمرار الأنشطة الإنسانية.

اتهامات وتحميل للمسؤولية

حمّلت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات ميليشيا الحوثي في اليمن المسؤولية الكاملة عن التدهور الحاد في الوضع الإنساني، وعن موجة الانسحابات الأخيرة التي نفذتها المنظمات الدولية عقب محاكمة واحتجاز عدد من العاملين الأمميين.

وأكدت أن هذه الانتهاكات تشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني الذي يضمن حرية العمل الإغاثي ويحظر عرقلته، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان حماية العاملين الإنسانيين واستمرار تدفق المساعدات إلى ملايين المحتاجين.

تعد محافظة مأرب أكبر تجمع للنازحين داخلياً في اليمن منذ بدء الحرب عام 2015، إذ استقبلت موجات متتالية من الأسر الفارة من مناطق المواجهات في صنعاء والحديدة وصعدة والبيضاء، وتعتمد غالبية هذه الأسر بشكل كامل على المساعدات الإنسانية بعد فقدان مصادر الدخل وتدمير شبكات الخدمات الأساسية.

وشهدت السنوات الماضية سلسلة من المعوقات التي فرضتها ميليشيا الحوثي على عمل المنظمات الإغاثية، سواء في مناطق سيطرتها أو في نقاط التفتيش المؤدية إلى المحافظات الأخرى، وتسببت هذه السياسات في تأخير وتسريب المساعدات وتقييد حركة الموظفين الدوليين، وهو ما دفع عدداً من المنظمات إلى تقليص أعمالها أو الانسحاب بشكل كامل. وتأتي التطورات الأخيرة في مأرب لتزيد من هشاشة الوضع وتدفع المحافظة إلى حافة انهيار إنساني غير مسبوق.

أزمة الأمن الغذائي

يشهد اليمن واحدة من أخطر أزمات الأمن الغذائي في العالم، حيث يعيش ملايين السكان على حافة المجاعة، نتيجة الحرب المستمرة منذ سنوات، والتدهور الاقتصادي الحاد الذي فاقم المعاناة الإنسانية.

وأفاد تقرير دولي مشترك صدر في بيان عن ست وكالات أممية ومنظمات دولية خلال نوفمبر الماضي، بأن اليمن أصبح ثالث أكثر دول العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي، مع توقعات بتفاقم الأزمة خلال الأشهر الستة المقبلة لتطول أكثر من نصف السكان.

ووفقاً لتقرير الرصد المشترك، يُتوقع أن يواجه نحو 18.1 مليون شخص مستويات من "الأزمة" أو ما هو أشد من انعدام الأمن الغذائي بين سبتمبر الماضي وفبراير 2026، بينهم 41 ألف شخص مهددون بالانزلاق إلى مستوى المجاعة (المرحلة الخامسة)، معظمهم في مناطق تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين.

وأشار التقرير إلى أن 9.4 مليون شخص يعيشون في مناطق معرضة للانزلاق إلى مستوى "الطوارئ" (المرحلة الرابعة) من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 7.3 مليون في مناطق الحوثيين و2.1 مليون في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً.

وتوضح البيانات أن 61% من الأسر اليمنية غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية اليومية، في حين يعاني 33% من مستوى خطير في استهلاك الغذاء، كما توقعت مجموعة التغذية التابعة للأمم المتحدة ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد بين 15 و30% في المناطق الساحلية والمنخفضة بحلول نهاية العام، نتيجة تفاقم أزمة الجوع، وتراجع الإمدادات الغذائية، وانتشار الأمراض.

تحديات أمام المنظمات الإنسانية

وتواجه المنظمات الدولية العاملة في اليمن صعوبات متعددة تتعلق بالوصول الآمن إلى بعض المناطق المتضررة، فضلاً عن محدودية التمويل وعدم كفاية الموارد المتاحة لتلبية الاحتياجات المتزايدة، وفي كثير من الأحيان تضطر فرق الإغاثة إلى تقليص نطاق تدخلاتها بسبب تعقيدات الوضع الأمني أو القيود المفروضة على الحركة.

ويشكل التدهور الواسع للبنى التحتية الأساسية مثل الطرق وشبكات المياه تحدياً إضافياً يعوق وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وفعالية.

ورغم التحديات، فإن مبادرات المجتمع المحلي لا تزال تلعب دوراً حيوياً في احتواء جزء من الأزمة، ففي العديد من المناطق تستضيف الأسر المقيمة نازحين من مدن أخرى، وتشاركهم المأوى والطعام ضمن إمكانيات شديدة التواضع، في مشهد يعكس تضامناً مجتمعياً راسخاً رغم ضغوط الحياة اليومية. ومع ذلك، تبقى هذه الجهود محدودة مقارنة بحجم الاحتياجات المتزايد عاماً بعد عام.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية