سوريا أمام مرآة الأمم المتحدة.. العنف في الساحل يرقى إلى جرائم حرب
سوريا أمام مرآة الأمم المتحدة.. العنف في الساحل يرقى إلى جرائم حرب
خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا إلى أن أعمال العنف التي اجتاحت الساحل وغرب وسط البلاد منذ يناير الماضي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، ويوثق التقرير الذي صدر يوم الخميس، عمليات قتل جماعي وتعذيب ومعاملة مهينة للموتى، إلى جانب حرق منازل ونهب واسع، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.
أنماط قتل ممنهجة
بحسب اللجنة، استهدفت الهجمات مجتمعات علوية بشكل خاص، وبلغت ذروتها في مجازر مطلع مارس، وقد أظهرت التحقيقات أن الرجال كانوا يُفصلون عن النساء والأطفال قبل اقتيادهم إلى الخارج وإعدامهم ميدانيا، بينما تُركت الجثث في الشوارع لأيام ومنعت العائلات من دفنها وفق الطقوس الدينية، وبعض الضحايا دُفنوا في مقابر جماعية دون تسجيل رسمي، فيما عانت المستشفيات في طرطوس واللاذقية من انهيار قدرتها الاستيعابية بسبب تراكم الجثث.
أشارت اللجنة إلى أن الانتهاكات ارتكبها مقاتلون من فصائل مختلفة، بينهم عناصر يعملون إلى جانب قوات الحكومة المؤقتة وأفراد من "الفلول" الموالين للنظام السابق، ورغم أن بعض وحدات الحكومة المؤقتة حاولت وقف الاعتداءات وإجلاء المدنيين، فإن فصائل أخرى ارتكبت إعدامات خارج نطاق القضاء وتعذيبا ممنهجا في قرى وأحياء ذات أغلبية علوية.
تحقيقات وشهادات
التقرير اعتمد على أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، وأكدت اللجنة أنها حصلت على وصول غير مقيد إلى مناطق في اللاذقية وطرطوس خلال يونيو 2025، حيث زارت مواقع مقابر جماعية والتقت مسؤولين محليين، لكن المخاوف ما زالت قائمة، إذ تواصل اللجنة تلقي بلاغات عن اختطاف نساء واعتقالات تعسفية واختفاء قسري، إلى جانب نهب الممتلكات والاستيلاء عليها.
دعوة للمساءلة
رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينيرو شدد على أن "حجم ووحشية العنف أمر مقلق للغاية"، مطالبا السلطات المؤقتة بتوسيع نطاق الملاحقة القضائية ضد جميع المتورطين، بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم.
تأسست لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في أغسطس 2011 بقرار من مجلس حقوق الإنسان، للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان منذ مارس 2011، وتعمل اللجنة على توثيق الجرائم وتحديد المسؤولين عنها بهدف ضمان المساءلة. وقد جدد المجلس ولايتها مرارا، وآخرها حتى 31 مارس 2025.