الرهائن بين نار الميدان وجمود التفاوض.. مظاهرات تل أبيب تضغط على الحكومة

الرهائن بين نار الميدان وجمود التفاوض.. مظاهرات تل أبيب تضغط على الحكومة
مظاهرات في إسرائيل من أجل الرهائن

شهدت العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، إضافة إلى مدن حيفا والقدس وبئر السبع، مظاهرات واسعة مساء السبت شارك فيها آلاف الإسرائيليين، استجابة لدعوة منتدى عائلات الرهائن، ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بوقف الحرب في غزة وإبرام صفقة لإطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس.

المظاهرات عكست تصاعد حالة الغضب الشعبي تجاه سياسات الحكومة، وخصوصاً بعد إخفاق أشهر من المفاوضات غير المباشرة في تحقيق أي تقدم ملموس.

عيناف زانجاوكر، والدة متان أحد الرهائن الإسرائيليين البالغ عددهم نحو 20، خاطبت الحشد بعبارات مشحونة بالأسى والغضب، قائلة " ستتوقف البلاد عن العمل"، هذه الدعوة إلى إضراب عام مثلت تحولاً نوعياً في مسار الاحتجاجات، حيث تحاول العائلات نقل قضيتها من دائرة الإنسانية إلى دائرة الضغط السياسي المباشر.

قرار الحكومة يثير الانقسام

في المقابل، واصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الدفع باتجاه توسيع العمليات العسكرية، فقد أقر مجلس الوزراء الأمني خطة للسيطرة على مدينة غزة ومخيمات اللاجئين وسط القطاع، رغم إدراك المخاطر التي قد تتهدد حياة الرهائن المحتجزين هناك.

هذا القرار عزز شعور العائلات بأن الحكومة الإسرائيلية تقدم أولوياتها العسكرية على حساب أبنائهم، في وقت يتصاعد فيه الجدل الداخلي بشأن جدوى الحرب واستراتيجيات إدارتها.

المفاوضات في مأزق

ورغم وجود وساطات تقودها مصر وقطر بدعم من الولايات المتحدة، فإن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس لم تحقق اختراقاً، وتحدث الإعلام الإسرائيلي تحدث عن اتصالات استكشافية لإعادة إطلاق التفاوض، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة ملموسة.

هذا الجمود السياسي يزيد من تعقيد المشهد، حيث يجد الرهائن أنفسهم في قلب معركة مفتوحة لا يبدو أنها قريبة من نهايتها.

الاحتجاجات لم تعد مجرد وقفات رمزية لعائلات الرهائن، هي اليوم تعبير عن شرخ داخل المجتمع الإسرائيلي بين من يريد استمرار الحرب لتحقيق أهداف عسكرية، ومن يخشى أن تتحول تلك الحرب إلى مأزق طويل الأمد يضاعف الكلفة البشرية والاقتصادية.

الإضراب العام المقرر، اليوم الأحد، في أول أيام العمل وفق التقويم اليهودي، سيكون اختباراً لمقدار التأييد الشعبي لهذه الحركة، وقد يشكل نقطة تحول في الضغط على الحكومة.

البعد الإنساني للأزمة

عشرات العائلات تعيش قلقاً يومياً بين الأمل والخوف، في ظل انعدام الشفافية حول مصير أبنائهم. بالنسبة لهؤلاء، كل يوم يمر من دون صفقة تبادل يزيد من معاناتهم، ويعمق شعورهم بأنهم تُركوا في مواجهة مصير مجهول.

أزمة الرهائن بدأت في السابع من أكتوبر 2023 عندما شنت حركة حماس هجوماً واسعاً على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وأسر أكثر من 240 آخرين، بحسب الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية، ومنذ ذلك التاريخ، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة أوقعت أكثر من 60 ألف شهيد  فلسطيني حتى منتصف أغسطس 2025، وفق وزارة الصحة في غزة.

رغم إتمام صفقة تبادل محدودة أواخر 2023، ما يزال نحو 100 شخص بين رهينة وأسير مفقود داخل القطاع، في حين تؤكد إسرائيل أن 20 منهم على الأقل أحياء.

ملف الرهائن في إسرائيل تاريخياً لعب دوراً حساساً في تشكيل القرار السياسي والأمني، إذ سبق أن خضعت حكومات سابقة لضغوط مشابهة انتهت بصفقات مثيرة للجدل، مثل صفقة جلعاد شاليط عام 2011 التي أفرج بموجبها عن أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل جندي واحد.

اليوم، يجد نتنياهو نفسه أمام معضلة مشابهة: الاستمرار في الحرب سعياً لتحقيق أهداف عسكرية استراتيجية، أو الدخول في صفقة قد تنقذه داخلياً لكنها تمنح حماس نصراً سياسياً ومعنوياً.

ردود الأفعال الحقوقية

المنظمات الحقوقية الدولية والأممية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، دعت مراراً إلى إعطاء الأولوية لحماية المدنيين والإفراج عن الرهائن وفق القانون الدولي الإنساني، محذرة من أن استمرار الحرب يعرض حياة جميع المدنيين للخطر.

لكن هذه الدعوات لم تمنع تعثر المفاوضات، ما أبقى الرهائن رهائن للحسابات السياسية والعمليات العسكرية في آن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية