مأساة حقوقية وكارثة اقتصادية.. أفغانستان تخسر مليار دولار سنوياً بسبب تهميش النساء
مأساة حقوقية وكارثة اقتصادية.. أفغانستان تخسر مليار دولار سنوياً بسبب تهميش النساء
تحولت أزمة حقوق المرأة في أفغانستان إلى ما يتجاوز المأساة الإنسانية، لتصبح كارثة اقتصادية واجتماعية تعصف بمستقبل البلاد، وفق تقديرات البنك الدولي التي تشير إلى خسارة لا تقل عن مليار دولار سنوياً بسبب إقصاء النساء.
وتؤكد جيورجيت غانيون، نائبة الممثل الخاص للأمين العام في أفغانستان في بيان صدر يوم الاثنين، أن هذه الخسارة ليست مجرد أرقام، بل شلل متعمد للتنمية الوطنية يحرم البلاد من مساهمات النساء كونهن مهنيات ورائدات أعمال ومستهلكات، ما يقوض فرص الازدهار والرخاء للأجيال القادمة.
صمود في ظل القيود
رغم القيود المشددة التي تفرضها حركة طالبان، تواصل النساء الأفغانيات البحث عن "حلول بديلة" للبقاء في مقاعد الدراسة أو مواصلة العمل.
وتقول غانيون إنها التقت بفتيات في بدخشان أبدين استعدادهن لمساعدة نظيراتهن في المناطق النائية على استكمال تعليمهن رغم الحظر، وأضافت أن العديد من النساء يعلن أسرهن ويدرن مشروعات صغيرة ويقدمن الرعاية الصحية، في ما وصفته بأنه "شكل من المقاومة والصمود يلهم مجتمعات بأكملها".
الحظر المفروض على تعليم الفتيات بعد الصف السادس في أفغانستان من المقرر مراجعته في مارس المقبل، لكن غانيون شددت على أن أي تغيير يجب أن ينشأ أساساً من داخل المجتمع الأفغاني أو من حركة طالبان نفسها، مع الحاجة إلى دعم دولي فاعل.
وأضافت أن النساء الأفغانيات يطالبن العالم بعدم نسيانهن أو التطبيع مع معاناتهن، مؤكدات أنهن بحاجة إلى تضامن ودعم عملي يتجاوز مجرد بيانات الإدانة.
تحديات إنسانية خانقة
تعد أفغانستان واحدة من أكثر الدول اعتماداً على المساعدات الإنسانية، إذ يحتاج نحو 23 مليون شخص –أي ما يقارب نصف السكان– إلى دعم عاجل، ومع تقليص المساعدات، تتراجع قدرة ملايين الأفغان على الحصول على الرعاية الأساسية، ما يزيد من حدة الأزمة.
منذ سيطرة طالبان على الحكم في أغسطس 2021، فُرضت سلسلة قيود صارمة على النساء والفتيات، شملت منعهن من التعليم الثانوي والجامعي، ومنع الكثيرات من العمل في المؤسسات العامة والدولية، وهذه القيود لم تقتصر على إغلاق أبواب المدارس والجامعات، بل شملت تضييقاً على مشاركة النساء في الحياة العامة، وهو ما دفع الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الحقوقية إلى وصف الوضع بأنه "الأكثر قمعاً للنساء في العالم".
ورغم هذه الأوضاع، يواصل العديد من النساء والفتيات في أفغانستان البحث عن مسارات بديلة للتعليم والعمل، مثل: دروس سرية عبر الإنترنت، ومبادرات مجتمعية صغيرة، في تعبير حي عن صمود يواجه واحداً من أعقد التحديات الحقوقية والإنسانية في العصر الحديث.