ليس نقصاً أو عيباً.. "التوحّد" اختلاف يستدعي وعياً مجتمعياً ورعاية مبكرة

ليس نقصاً أو عيباً.. "التوحّد" اختلاف يستدعي وعياً مجتمعياً ورعاية مبكرة
التوحّد - أرشيف

يُعدّ التوحّد واحدًا من الاضطرابات العصبية المعقدة الناتجة عن خلل في الجهاز العصبي المركزي، وهو من اضطرابات النمو العقلي التي تؤثر بشكل مباشر على نشاط الدماغ، خصوصًا فيما يتعلق بالتواصل الاجتماعي والتفاعل مع المحيط. 

وتبدأ أعراضه بالظهور عادة خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، حيث يواجه المصابون صعوبات في الكلام وفهم الكلمات أو في التقاط الإشارات الجسدية من الآخرين، كما يجدون صعوبة في التحكم بنغمة الصوت وإيقاعه، وقد يميل بعضهم إلى تكرار الكلمات أو العبارات بشكل متكرر، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء. 

وغالبًا ما تترك هذه الأعراض أثرًا على قدرة الطفل في بناء علاقات اجتماعية طبيعية مع من حوله، ما يزيد من عزلته ويضاعف تحدياته.

تحسين حياة الأطفال

يؤكد الأطباء أن التشخيص المبكر للتوحّد يمثل خطوة أساسية في تحسين حياة الأطفال المصابين، إذ يساعد التدخل العلاجي المبكر على تنمية قدراتهم العقلية والاجتماعية، ويتيح فرصًا أفضل للتطور والتأقلم مع البيئة المحيطة. 

وتشير التجارب إلى أن الأطفال الذين يتلقون الدعم في سن مبكرة يُظهرون تحسنًا ملاحظًا في السلوك والتواصل، بما يمنحهم فرصة للاندماج التدريجي في المجتمع.

وفي محافظة حلبجة بإقليم كردستان، يشكّل مركز التوحّد للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة نافذة أمل حقيقية لعشرات الأسر، فقد تأسس هذا المركز قبل عامين ليكون الأول من نوعه في المحافظة، وما زال يقدّم خدماته بشكل مستمر، حيث استقبل خلال العام الحالي أربعين طفلًا يعانون من طيف التوحّد بدرجات متفاوتة، من الحالات البسيطة وحتى الأكثر شدة.

وتؤكد مديرة المركز، آوارا نوروز، أن على المجتمع أن يدرك أن التوحّد ليس نقصًا أو عيبًا، بل حالة صحية مرتبطة باختلافات هرمونية وعصبية يمكن التعامل معها. 

وتوضح أن النظرة السائدة التي تعتبر التوحّد خطيرًا أو مرعبًا تُشكّل عائقًا إضافيًا أمام دمج الأطفال في المجتمع، في حين يؤكد الواقع أن التوحّد ليس حالة ميؤوسًا منها، بل قابلة للعلاج والتأهيل بوسائل متعددة، حتى في الحالات الشديدة.

وعي أسري متزايد

توجّهت مديرة المركز بنداء إلى الأهالي بضرورة الانتباه المبكر لأعراض التوحّد، معتبرة أن التدخل العلاجي في السنوات الأولى يسهل بشكل كبير عملية التأهيل. 

وأشارت إلى أن معظم الأطفال الذين يصلون إلى المركز يعانون من حالات متقدمة، لكنهم يحققون تحسنًا واضحًا بفضل جهودهم الشخصية ودعم أسرهم. 

وبيّنت أن التعاون بين العائلات والمركز يؤتى ثماره هذا العام، إذ سيتمكن ثلاثون طفلًا من الالتحاق بالمدارس، وهو إنجاز يفتح لهم بابًا نحو حياة أكثر استقلالية واندماجًا.

ويشكّل مركز التوحّد في حلبجة تجربة نموذجية تُظهر أن الرعاية المبكرة والوعي الأسري والمجتمعي قادران على تغيير مسار حياة الأطفال المصابين، ومنحهم فرصًا واقعية للاندماج والمشاركة الفاعلة في المجتمع، بعيدًا عن التهميش والأحكام المسبقة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية