سارة الفائق.. أيقونة إنسانية خلف قضبان ميليشيا الحوثي
سارة الفائق.. أيقونة إنسانية خلف قضبان ميليشيا الحوثي
بعد أكثر من عام على غيابها القسري، طرقات خفيفة على باب منزل عائلة الناشطة اليمنية سارة الفائق كسرت صمت الانتظار.. دخلت سارة، مكبّلة بذكريات الاعتقال، لتحتضن أطفالها وزوجها مدة ساعة ونصف فقط، قبل أن تُساق مجدداً إلى المعتقل.
زيارة قصيرة ومرّة، قال عنها أحد أقاربها: "أعادوها إلينا للحظات كي يثبتوا أننا عاجزون عن الاحتفاظ بها، ثم انتزعوها من جديد"، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الخميس.
سارة الفائق، البالغة من العمر 36 عاماً، لم تكن مجرد ناشطة عادية، شغلت منصب المدير التنفيذي للائتلاف المدني للسلام، وسعت عبره إلى تعزيز ثقافة التعايش والدفاع عن الضحايا، خاصة النساء والأطفال الذين أنهكتهم الحرب.
دعم الأطفال والنساء
عملت سارة الفائق، جنباً إلى جنب مع منظمات محلية ودولية لإعادة دمج الأطفال المتأثرين بالنزاع، وتقديم الدعم إلى النساء النازحات.
لكن في يونيو 2024، انقلبت حياتها رأساً على عقب.. اعتُقلت ضمن حملة واسعة شنّتها ميليشيا الحوثي ضد العاملين في المجال الإنساني.
منذ ذلك اليوم، أصبحت سارة واحدة من عشرات الأصوات الإنسانية التي أُسكتت قسراً، محرومة من محامٍ، من أسرتها، وحتى من حقها في معرفة مصيرها.

أثر الغياب على العائلة
غياب سارة لم يقتصر على أطفالها الذين عاشوا عاماً كاملاً بلا أم، بل امتد إلى والدتها التي فارقت الحياة بعد أشهر قليلة من اعتقالها، متأثرة بالحزن وعدم معرفة مصير ابنتها.
تقول إحدى قريباتها: "الاعتقال لم يسرق سارة فقط، بل سرق أمها أيضاً، وترك العائلة كلها في دائرة من القلق واليأس".
ووصفت تقارير أممية اعتقال سارة وزملائها بأنه جزء من سلسلة من الإجراءات القسرية، شملت تجميد الحسابات البنكية، اتهامات باطلة بالتجسس، ومضايقات إدارية خانقة.
وأكدت الأمم المتحدة أن هذه السياسات أدت إلى تقويض العمل الإنساني في بلد يعتمد فيه أكثر من 19 مليون شخص على المساعدات للبقاء.
وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، مرّت ذكرى العاملين المحتجزين في اليمن كجرس إنذار.. وعود الحوثيين بالإفراج عن 16 موظفاً أممياً لم تُنفذ، فيما يستمر العشرات من المعتقلين في مواجهة المجهول.
رمز لمعاناة جماعية
قصة سارة الفائق ليست مجرد سيرة شخصية، بل صورة مكثفة لمعاناة مئات العاملين الإنسانيين في اليمن الذين يدفعون ثمن التزامهم بمساعدة الآخرين.
زيارتها القصيرة لعائلتها كشفت أن الأمل لم يمت بعد، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الحرية لا تزال بعيدة المنال.