وسط جدل حول المهاجرين.. واشنطن توقف منح التأشيرات لسائقي الشاحنات الأجانب
وسط جدل حول المهاجرين.. واشنطن توقف منح التأشيرات لسائقي الشاحنات الأجانب
أوقف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إصدار جميع تأشيرات العمل المخصصة لسائقي الشاحنات الأجانب، بعد حادث مروري مروّع أثار جدلاً سياسياً واسعاً وغضباً بين أنصار الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.
وكتب روبيو عبر منصة "إكس": "اعتباراً من الآن، نحن نعلّق إصدار جميع تأشيرات العمل لسائقي الشاحنات التجارية"، مشدداً على أن تزايد عدد السائقين الأجانب "يعرّض حياة الأمريكيين للخطر ويقوّض فرص سائقي الشاحنات الأمريكيين"، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، اليوم الجمعة.
وجاء القرار عقب اتهام سائق شاحنة هندي يُدعى هارجيندر سينغ بقتل ثلاثة أشخاص في ولاية فلوريدا، إثر قيامه بانعطافة مخالفة للقانون على طريق سريع مزدحم.
وأفاد مسؤولون فدراليون بأن سينغ دخل الولايات المتحدة بطريقة غير نظامية عبر الحدود المكسيكية، وفشل في اجتياز اختبار اللغة الإنجليزية بعد الحادث.
حظيت القضية بتغطية إعلامية واسعة، في حين سارعت قيادات جمهورية في فلوريدا إلى استثمارها سياسياً، حيث رافق نائب حاكم الولاية مسؤولي الهجرة إلى كاليفورنيا لتسليم سينغ شخصياً.
اتهامات بين واشنطن وكاليفورنيا
اتهمت إدارة ترامب حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم بالمسؤولية بسبب منح سينغ رخصة عمل، معتبرة أن سياسات ولايته المتساهلة مع المهاجرين غير الشرعيين تهدد الأمن العام.
لكن مكتب نيوسوم رد بأن الحكومة الفدرالية في عهد ترامب هي من أصدرت تصريح العمل لسينغ، في حين تعاونت كاليفورنيا في عملية تسليمه.
وأدى هذا التراشق السياسي إلى تعميق الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين حول ملف الهجرة والعمل.
المهاجرون في قطاع النقل
دأب مشرّعون جمهوريون منذ فترة على انتقاد وجود عدد كبير من سائقي الشاحنات الأجانب، زاعمين أنهم يتسببون في زيادة الحوادث على الطرق الأمريكية، من دون أدلة إحصائية حاسمة.
وفي يونيو الماضي، أصدر وزير النقل شون دافي توجيهاً يلزم جميع سائقي الشاحنات في الولايات المتحدة باستخدام اللغة الإنجليزية أثناء العمل، مؤكداً أن اجتياز اختبار اللغة شرط أساسي لنيل رخصة القيادة التجارية.
ويشمل الاختبار القدرة على قراءة وفهم إشارات الطرق وتعليمات السلامة الأساسية.
التحولات في سوق العمل
أظهرت إحصاءات فدرالية أن عدد سائقي الشاحنات المولودين في الخارج تضاعف أكثر من مرتين بين عامي 2000 و2021 ليصل إلى نحو 720 ألف سائق.
وأصبح هؤلاء يمثلون الآن نحو 18% من إجمالي العاملين في قطاع النقل بالشاحنات في الولايات المتحدة، وهو ما يعكس تحوّلاً جذرياً في مهنة طالما ارتبطت تاريخياً بالطبقة العاملة البيضاء في الداخل الأمريكي.
ويرى خبراء أن هذا التغير يعكس اعتماد الاقتصاد الأمريكي المتزايد على اليد العاملة المهاجرة، في وقت يشهد فيه القطاع نقصاً حاداً في عدد السائقين المحليين.
أبعاد إنسانية واقتصادية
هدد القرار الجديد بزيادة الضغوط على سلاسل الإمداد الأمريكية التي تعاني أصلاً من نقص في عدد السائقين. كما أثار مخاوف لدى آلاف الأسر المهاجرة التي تعتمد على هذه الوظائف كمصدر دخل رئيسي.
وحذرت نقابات النقل من أن تعليق التأشيرات قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل وأسعار السلع الأساسية، ما قد ينعكس سلباً على المستهلك الأمريكي العادي.
وفي المقابل، اعتبر مؤيدو القرار أنه يمثل استجابة لمخاوف الرأي العام بشأن السلامة المرورية وفرص العمل، خصوصاً في ولايات تتأثر سياسياً بحملات ترامب ضد الهجرة.