إنهاء وضع الحماية المؤقتة.. قرار قضائي يربك حياة آلاف المهاجرين بالولايات المتحدة

إنهاء وضع الحماية المؤقتة.. قرار قضائي يربك حياة آلاف المهاجرين بالولايات المتحدة
إدارة الرئيس ترامب وقضية ترحيل المهاجرين

مهدت محكمة استئناف اتحادية في الدائرة التاسعة الطريق أمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسير قدماً في إنهاء وضع الحماية المؤقتة (Temporary Protected Status - TPS) لمواطني نيكاراغوا وهندوراس ونيبال، ما يعرّض أكثر من ستين ألف شخص لخطر فقدان تصاريح العمل والوقاية من الترحيل، في حين تستمر الطعون القضائية، وسمح القرار للإدارة بإلغاء الحماية فورياً أو في مواعيد محددة بحسب كل جنسية وفق "بوليتيكو".

وُضع نظام الحماية المؤقتة في قانون الهجرة عام 1990 ليمنح حماية مؤقتة لمواطني دول توفرت فيها ظروف استثنائية -كحروب أو كوارث طبيعية- تمنع العودة الآمنة إلى الوطن، ويمنح TPS الحاصلين عليه مناعة مؤقتة من الترحيل وتصريح عمل قانوني، لكن مسماه "مؤقت" لم يمنع أن يتحوّل إلى واقع طويل الأمد لمئات الآلاف الذين بنوا حياتهم في الولايات المتحدة لعقود، والقاعدة القانونية التي تستند إليها هذه الآلية موجودة في الباب 8 من قانون الهجرة الأمريكي.

حجم المتأثرين والتداعيات المباشرة

تقدّر منظمات حقوقية أن نحو 60 ألف حامل لمخصصات TPS من هذه الدول يقيمون في الولايات المتحدة لسنوات، بينهم من عاش في البلاد منذ أكثر من عقدين من هندوراس ونيكاراغوا، وآخرون منذ نحو عشر سنوات من نيبال، لافتة أن فقدان وضع الحماية المؤقتة يعني تلقائياً احتمال فقدان تصريح العمل وفتح الباب أمام إجراءات ترحيل، مع تبعات فورية على أسر تضم أطفالاً ومواطنين وشرائح اقتصادية تعتمد على دخل هؤلاء، وتقدر المنظمات الحقوقية أن مجموع حاملي TPS في الولايات المتحدة أكثر من مليون شخص من جنسيات متعددة.

وتحذر منظمات حقوقية ومحامون من أن إنهاء الحماية سيقلب حياة أسر بأكملها من خلال فقدان الدخل، واحتمالات الاحتجاز، وانهيار خطط حياتية اعتمدت على العمل القانوني، وذكرت منظمات مثل ACLU وAyuda وHuman Rights Watch أن عودة قسرية إلى بلدان تعاني من عنف أو هشاشة بنية صحية أو كوارث طبيعية قد تنطوي على أخطار جسيمة، وأن سياسة الإلغاء تتجاهل هذه المخاطر في بعض الحالات، لافتة إلى أن القلق يتزايد أيضاً من تأثيرات ذلك في الأطفال.

من يخسر ومَن يبقى؟

بيانات مؤسسات بحثية ومنتدى مناصرة العمال يشيران إلى أن حاملي “الحماية المؤقتة” يعملون في قطاعات حيوية مثل الضيافة والزراعة والإنشاءات والرعاية الصحية، وتقدر تقارير أن مئات الآلاف من هؤلاء مشاركون في سوق العمل، وأن سحب تصاريح عملهم سيخلق فراغات وظيفية حقيقية وصدمة محلية في قطاعات تعتمد على العمالة المهاجرة.

وفي السياق نفسه، كشفت تقارير إعلامية أن الإدارة قد تمنح استثناءات عملية لعمال في قطاعات محددة (فنادق، مزارع، مصانع تعليب لحوم، مطاعم) تحت ضغوط اقتصادية، ما يعكس صراعاً بين هدف فرض رقابة متشددة على الهجرة وضرورة سد فجوات سوق العمل وفق موقع "أكسيوس".

المشهد القضائي في الأسابيع الماضية كان متقلّباً، حيث أوقف قاضٍ اتحادي تنفيذ قرارات الإلغاء مؤقتاً ووجّه انتقادات حادة لأسباب القرار، في حين أذنت محكمة الاستئناف بمتابعة الإدارة بالإجراء الطارئ، في الوقت نفسه تستمر دعاوى لائتلافات حاملي TPS والمنظمات الحقوقية للطعن في مشروعية الإلغاء، ويسعى الكونغرس أيضاً إلى تشريعات تحمي فئات محددة أو تمنح مسارات قانونية دائمة لمجموعات واسعة، وهذه المعارك القانونية والسياسية تجعل مصير آلاف العائلات معلقاً بقرارات قد تُتجاوز أو تُلغى لاحقاً. 

الالتزامات الدولية

حتى لو كانت TPS إجراءً إدارياً داخلياً، فإن دولاً مثل الولايات المتحدة تقع تحت قيود قانونية دولية تحظر إعادة الأشخاص إلى أوطانهم إذا كانت حياتهم أو حريتهم مهدّدة، وتذكر مؤسسات أممية مثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بوجوب حماية الأشخاص المعرضين لخطورة حال عودتهم.

كما أن سلطات الهجرة مطالَبة بمراعاة ملاحَظات حقوق الإنسان أثناء تنفيذ سياسات العودة، وبحسب مفوضية شؤون اللاجئين فهذه المطالبات لا تمنح حماية تلقائية، لكنها تشكّل جزءاً من الإطار القانوني والإنساني الذي يواجهه صانعو القرار الأمريكيون. 

ودعت منظمات حقوقية ونشطاء إلى حلول مؤقتة إنسانية تشمل وقفاً فورياً لعمليات الترحيل، وتمديد فترات السماح، وبرامج مخصصة للحماية للأطفال والأسر، وكذلك إلى حل تشريعي دائم يمنح مسارات إقامة دائمة لمئات الآلاف الذين عاشوا في الولايات المتحدة لعقود وأسهموا في اقتصادات مجتمعاتهم.

وعلى الجانب السياسي، قدّم أعضاء في الكونغرس مشاريع قوانين تهدف إلى حماية حاملي TPS وDED، في حين تضغط نقابات ومجموعات أصحاب عمل للحفاظ على العمالة في القطاعات الحرجة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية