وصمة عار على جبين العالم.. الأمم المتحدة تعلن لأول مرة "المجاعة في غزة"

وصمة عار على جبين العالم.. الأمم المتحدة تعلن لأول مرة "المجاعة في غزة"
الجوع في غزة - أرشيف

أعلنت الأمم المتحدة رسميًا، ولأول مرة في تاريخ الشرق الأوسط، عن وجود مجاعة في غزة، مؤكدة أنّ نصف مليون إنسان يواجهون جوعًا "كارثيًا" وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) ومقره روما. 

جاء الإعلان بعد أشهر من التحذيرات المتواصلة من وكالات الإغاثة والمنظمات الحقوقية بشأن تدهور الوضع الإنساني في القطاع المحاصر، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة.

ويشير تقرير التصنيف المرحلي إلى أنّ محافظة غزة – مدينة غزة، التي تشكل نحو 20% من مساحة القطاع، دخلت فعليًا في مرحلة المجاعة. 

صور الأطفال الذين يعانون من الهزال، والأمهات اللواتي يحاولن إطعام صغارهن بفتات الخبز أو أعشاب برية، أصبحت عنوانًا لأزمة إنسانية لم يعرفها الفلسطينيون منذ عقود.

لحظة عار جماعي

وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، المشهد بأنه "مجاعة كان يمكن تفاديها بالكامل"، مؤكدًا أن العرقلة الممنهجة لوصول المساعدات حالت دون إنقاذ الأرواح. 

وقال: "المساعدات الغذائية تتكدّس عند الحدود بسبب القيود الإسرائيلية. إنها لحظة عار جماعي، وينبغي أن تؤرقنا جميعًا".

ومن جانبه، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار و"وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق"، معتبرًا أن استمرار الوضع الحالي "لا يمكن أن يمرّ دون عقاب".

أما المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، فذهب أبعد حين قال: "تجويع الناس لأغراض عسكرية يعدّ جريمة حرب".

إسرائيل: "لا وجود لمجاعة"

من جانبها، رفضت الحكومة الإسرائيلية ما ورد في التقرير، واعتبرت أنه يستند إلى "أكاذيب حماس". 

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: "لا توجد مجاعة في غزة. التقرير يكرر رواية حماس، في حين أدى التدفق الكبير للمساعدات أخيراً إلى خفض أسعار الغذاء داخل القطاع".

الهيئة الإسرائيلية للشؤون المدنية (كوغات) تبنّت الموقف نفسه، مؤكدة أن التقييمات الأممية "غير دقيقة" وأنها "تجاهلت الجهود الإسرائيلية لمنع تدهور الوضع الإنساني".

ما وراء الأرقام

بعيدًا عن الأرقام والتقارير، يروي سكان غزة تفاصيل الحياة تحت الحصار.. عائلات بأكملها تقتات على وجبة واحدة في اليوم، وأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، في حين يتزايد الاعتماد على الخبز الجاف والمعلبات القليلة المتوفرة.

مشاهد المستشفيات التي تستقبل أطفالًا ببطون منتفخة وأجساد نحيلة تجسّد حجم الكارثة الإنسانية.. الناشطون يصفونها بأنها "مجاعة من صنع الإنسان"، وليست كارثة طبيعية.

ومع دخول غزة رسميًا في مرحلة المجاعة، تتضح الصورة القاسية، حيث يعيش 500 ألف إنسان في جوع كارثي، ويجري عرقلة المساعدات عند الحدود، وسط اتهامات متبادلة بين الأمم المتحدة وإسرائيل، وتحذيرات حقوقية باعتبار التجويع جريمة حرب.

وفي المقابل، تبقى المعاناة اليومية للسكان هي الوجه الأوضح لهذه المأساة. أطفال ينامون جوعى، أمهات يواجهن المستحيل، وأرض محاصرة تحولت إلى سجن جماعي.

المجاعة في غزة ليست مجرد أزمة إنسانية، بل اختبار أخلاقي للعالم كله، كما قال مسؤول أممي: "إذا سمحنا باستمرار هذا الوضع، فسنكون جميعًا شركاء في العار".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية