طفولة في خطر.. صرخة ضد العنف الأسري والاعتداء على الأطفال بتركيا
طفولة في خطر.. صرخة ضد العنف الأسري والاعتداء على الأطفال بتركيا
تكشف قضية الاعتداءات الجنسية على الأطفال في تركيا عن مأساة صامتة يعيشها الآلاف خلف جدران المنازل، حيث تتحوّل الأسرة –التي يُفترض أن تكون حضناً آمناً– إلى بيئة خطرة.
وتؤكد تقارير حقوقية أن التبعات النفسية لهذه الانتهاكات لا تقتصر على سنوات الطفولة، بل تمتد لتترك ندوباً عميقة في الحياة اللاحقة، ما يجعل الظاهرة قضية إنسانية وحقوقية بالغة الخطورة تستدعي تحركاً عاجلاً.
وأظهر تقرير جمعية مكافحة إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم في تركيا، أمس الثلاثاء، أن الجرائم الجنسية ضد الأطفال، وخصوصاً داخل نطاق الأسرة، شهدت ارتفاعاً مقلقاً خلال السنوات الأخيرة.
وكشفت البيانات الرسمية أن حالات الاعتداء الجنسي ارتفعت من 11,095 حالة عام 2014 إلى 18,623 حالة عام 2017، كما ارتفع عدد الأطفال الذين أُحضروا إلى وحدات الأمن بنسبة 20.5% خلال عام واحد فقط، حيث بلغ 601,754 حالة في 2022.
ورغم هذه الأرقام الكبيرة، تبقى قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال في محيط الأسرة مخفية إلى حد كبير، إذ يتم اكتشاف أربع حالات فقط من بين كل ألف حالة، وهو ما يعرض حياة الأطفال للخطر ويجعلهم رهائن للصمت والخوف.
ضحايا بلا صوت
أشار التقرير إلى أن 85% من الضحايا فتيات، وأن الفئة العمرية الأكثر عرضة هي من 15 إلى 17 عاماً، رغم أن الأطفال الأصغر سناً ليسوا بمنأى عن الانتهاكات.
وأظهرت البيانات أن 64% من الأطفال يعيشون مع الجناة في المنزل نفسه، وغالباً ما يكونون من الآباء أو الإخوة البيولوجيين، ما يزيد من صعوبة الإبلاغ عن الجرائم.
وتبيّن أن الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي داخل الأسرة يعيشون مشاعر عميقة من العار والذنب، ويعانون من آثار نفسية طويلة الأمد مثل الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، وتدني احترام الذات، وصولاً إلى الأفكار الانتحارية.
أبعاد دولية للأزمة
أوضح التقرير أن الظاهرة لا تقتصر على تركيا فقط، بل تمثل مشكلة عالمية، فبحسب منظمة الصحة العالمية، يتعرض نحو مليار طفل حول العالم للعنف الجنسي.
وكشف مجلس أوروبا أن طفلاً من كل خمسة أطفال في القارة الأوروبية يتعرض للاعتداء، وفي الولايات المتحدة، تعاني فتاة من كل أربع فتيات وطفل من كل 13 فتى من العنف الجنسي.
ورغم وجود نصوص قانونية صارمة في تركيا تصل عقوبتها إلى السجن بين 8 و15 عاماً، فإن القانون لا يجرّم سفاح القربى "بالتراضي" بين البالغين، بخلاف دول أوروبية مثل بريطانيا والنرويج.
حملات توعية ومراقبة
دعت الجمعية إلى إطلاق حملات توعية واسعة النطاق للأطفال والآباء، وإنشاء خطوط مساعدة يسهل الوصول إليها، وتوسيع مراكز مراقبة الأطفال.
كما أوصت بتوفير دعم نفسي طويل الأمد للضحايا، وإعداد آليات وطنية شاملة لجمع البيانات، فضلاً عن تعزيز الاستثمارات في الوقاية وإعادة التأهيل.
وأكد التقرير أن حماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة تمثل مسؤولية مجتمعية ودولية مشتركة، تتطلب مواجهة القيود الاجتماعية ورفع الوصمة عن الضحايا، وتفعيل العدالة الجنائية لضمان ألا يبقى أي طفل بلا حماية.