في استعراض سجلها الحقوقي.. تركيا بين إصلاحات تشريعية وضغوط دولية

في استعراض سجلها الحقوقي.. تركيا بين إصلاحات تشريعية وضغوط دولية
علم دولة تركيا- أرشيف

عقد الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل دورته التاسعة والأربعين في الفترة من 29 إبريل إلى 10 مايو 2025، واستعرض الحالة في تركيا، واعتمد الفريق العامل التقرير المتعلق بها في جلسته المنعقدة يوم 7 مايو، فيما اختار مجلس حقوق الإنسان فريق المقررين (الترويكا) من فرنسا وكوت ديفوار واليابان.

وبحسب التقرير الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، والمقرر عرضه خلال الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والتي تتواصل حتى 8 أكتوبر 2025، فقد قدّمت تركيا عرضًا مفصلًا لإنجازاتها التشريعية والتنموية، لكنها واجهت أيضًا تساؤلات وانتقادات بشأن ملفات الحريات الأساسية، استقلال القضاء، والتحديات المرتبطة بحقوق الأقليات.

وأوضح الوفد التركي أن الدولة اعتمدت حزمة واسعة من القوانين خلال السنوات الأخيرة لتعزيز حقوق الإنسان، بينها تعديلات على الدستور في ما يتعلق بحقوق الدفاع، وتوسيع صلاحيات البرلمان في الرقابة.

وأُقرت قوانين لتشديد العقوبات على جرائم العنف الأسري وحماية المرأة والطفل، إلى جانب تشريعات تتعلق بحرية الصحافة وتداول المعلومات.

وأكدت أن هذه الخطوات تندرج ضمن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان 2021–2025، التي تهدف إلى مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، وإرساء بيئة تشريعية متطورة تستجيب للتحديات الحقوقية والسياسية.

العدالة وسيادة القانون

خصص التقرير مساحة كبيرة للحديث عن استقلال القضاء، إذ أبرز الوفد التركي الإصلاحات الجارية لتطوير النظام القضائي، مثل إنشاء محاكم متخصصة، وتعزيز برامج تدريب القضاة والمدعين العامين على تطبيق المعايير الدولية، كما تمت الإشارة إلى إدخال آليات رقمية جديدة لتسريع إجراءات التقاضي وضمان الشفافية.

واستعرض التقرير التركي الإنجازات المحققة في قطاع التعليم، مع التركيز على زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس، خاصة للفتيات في المناطق الريفية. كما أطلقت الحكومة برامج لتطوير المناهج وربطها بسوق العمل، إلى جانب توسيع نطاق التعليم الجامعي والمهني.

وفي مجال الصحة، أشار التقرير إلى أن تركيا وسعت من نطاق خدمات الرعاية الأولية، وأنشأت مستشفيات جديدة في الأقاليم، مع إعطاء الأولوية لصحة الأمهات والأطفال، كما ركزت على سياسات مكافحة الأمراض المزمنة، وربطت هذه الجهود بخطط التنمية المستدامة.

حقوق الفئات المهمشة

أكد الوفد أن تركيا تولي أهمية كبيرة لتعزيز المساواة بين الجنسين، عبر تطبيق استراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، وتوسيع نطاق مراكز الحماية والدعم. 

وأوضح التقرير أن الدولة تبذل جهودًا لتشجيع مشاركة المرأة في سوق العمل، وزيادة تمثيلها في مواقع صنع القرار.

وتناول التقرير قضايا الأقليات الدينية والإثنية، حيث جددت تركيا التزامها بحماية حقوق جميع المكونات المجتمعية دون تمييز. ومع ذلك، طالبت بعض الوفود بزيادة الضمانات القانونية لحماية هذه الفئات، وتوسيع نطاق الحريات الثقافية واللغوية.

ورغم ما عرضته تركيا من إصلاحات، لم يخلُ النقاش من تسليط الضوء على التحديات المستمرة، فقد أشار التقرير إلى الانتقادات الموجهة لملف حرية التعبير والإعلام، حيث تطرقت بعض الوفود إلى حالات إغلاق وسائل إعلامية وملاحقة صحفيين، كما أثيرت قضايا متعلقة بالاحتجاز المطول قبل المحاكمة، وشروط عمل منظمات المجتمع المدني.

كما شددت بعض المداخلات على أن مكافحة الإرهاب لا ينبغي أن تُستخدم كذريعة لتقييد الحريات الأساسية، داعية تركيا إلى تحقيق التوازن بين الأمن واحترام حقوق الإنسان.

توصيات دولية

وتلقت تركيا جملة من التوصيات التي عكست مزيجًا من الإشادة والانتقاد، فقد شددت عدة وفود على ضرورة تعزيز استقلال السلطة القضائية وضمان خلوها من أي تأثيرات سياسية، بما يرسخ مبدأ سيادة القانون ويعزز ثقة المواطنين بالمؤسسات العدلية.

كما طالبت الدول بزيادة الحماية الممنوحة للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، واتخاذ تدابير تضمن حرية التعبير والإعلام بعيدًا عن القيود القانونية والإدارية التي أثارت جدلاً واسعًا.

وفي ملف حقوق المرأة، ركزت التوصيات على أهمية توسيع نطاق القوانين الخاصة بمكافحة العنف الأسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتشديد العقوبات على مرتكبيه، إلى جانب تطوير الخدمات المقدمة للضحايا.

ودعت التوصيات تركيا إلى تحسين أوضاع أماكن الاحتجاز عبر اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية، وضمان ظروف إنسانية أكثر عدالة، فضلًا عن المضي في التصديق على الاتفاقيات الدولية العالقة، مثل البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية