"البحث عن العدالة".. تقرير حقوقي يكشف ثغرات قوانين الاغتصاب في الدول العربية

"البحث عن العدالة".. تقرير حقوقي يكشف ثغرات قوانين الاغتصاب في الدول العربية
جريمة الاغتصاب - أرشيف

كشف تقرير حقوقي حديث استمرار العنف الجنسي، ولا سيما الاغتصاب، في كونه أحد أكثر أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي التي لا يتم الإبلاغ عنها في العالم العربي. 

وأوضح التقرير أن غالبية التشريعات العربية ما زالت تفتقر إلى تعريفات شاملة للاغتصاب والاعتداء الجنسي، الأمر الذي يترك الناجيات دون حماية كافية ويقيد وصولهن إلى العدالة.

أصدرت منظمة "المساواة الآن"، الجمعة، تقريرها الموسع بعنوان "البحث عن العدالة.. قوانين الاغتصاب في الدول العربية"، والذي يغطي القوانين في 22 دولة عضو بجامعة الدول العربية. 

وأشارت المنظمة إلى أن الهدف من التقرير يتمثل في قياس مدى توافق التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما تعريف الاغتصاب باعتباره ممارسة جنسية دون رضا، بصرف النظر عن استخدام القوة أو التهديد.

تعريفات قانونية ضيقة

أوضح التقرير أن معظم القوانين العربية تختزل مفهوم الاغتصاب في علاقات جنسية بين رجل وامرأة، دون الاعتراف باغتصاب الأطفال، أو الأشخاص ذوي الإعاقة، أو العلاقات المثلية القسرية، كما لا تعترف هذه القوانين باغتصاب الزوج لزوجته، وبيّن أن هذه الثغرات تسهم في إفلات الجناة من العقاب وتمنع الناجيات من المطالبة بحقوقهن.

ومن جانبها، شددت الدكتورة ديما دبوس، الممثلة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "المساواة الآن"، على أن محدودية تعريف الاغتصاب تشكل معضلة حقيقية، بحسب قولها لوكالة "JINHA". 

وأوضحت أن "القوانين لا تغطي جميع أشكال الاعتداء الجنسي، مثل الاغتصاب باستخدام أدوات بدلاً من الأعضاء التناسلية أو اغتصاب رجل لرجل أو طفل"، مضيفة أن هذا القصور "يعرقل معاقبة الجناة وفق معايير العدالة الدولية".

معضلة الاغتصاب الزوجي

انتقدت دبوس بشكل خاص غياب الاعتراف القانوني بالاغتصاب الزوجي، مؤكدة أن "النساء كثيراً ما يتعرضن لعنف جنسي داخل الأسرة، لكن القوانين لا توفر لهن حماية أو إنصافاً، ما يجعلهن سجينات وضعهن، فلا يستطعن الخروج منه". 

وأشارت إلى أن هذا الإغفال يضاعف معاناة النساء ويجعل العنف المنزلي جزءاً من واقع يومي لا يمكن الإفلات منه.

وسلطت الخبيرة الحقوقية الضوء على الإجراءات المرهقة المفروضة على الناجيات اللواتي يسعين لتقديم شكاوى، حيث يُطلب منهن التبليغ خلال يومين أو ثلاثة فقط مع تقديم أدلة جسدية، وهو أمر يتجاهل الصدمة النفسية التي يمر بها الضحايا. 

وتساءلت دبوس: "كيف نطالب ضحية اغتصاب مصدومة ومحبطة أن تتوجه مباشرة إلى الشرطة، في مجتمع غالباً ما يلومها بدلاً من الجاني؟".

الدعم النفسي والاجتماعي

انتقدت دبوس غياب الدعم النفسي في إجراءات التحقيق والفحص الشرعي، مشيرة إلى أن الضحايا غالباً ما يخضعن للفحص على أيدي رجال ودون وجود متخصص نفسي يرافقهن. 

ودعت إلى توفير طبيبات نفسيات داخل أقسام الشرطة لتسهيل إفصاح الضحايا عن تفاصيل الاعتداء، مؤكدة أن غياب العقاب الرادع يشجع استمرار الجرائم.

وأشادت الخبيرة ببعض الإنجازات التي تحققت في المنطقة العربية، ومنها إلغاء المواد القانونية التي كانت تسمح للمغتصب بالإفلات من العقاب عبر الزواج من ضحيته، وهو أمر كانت تعتمده عدة دول. 

واعتبرت أن تعديل هذه القوانين في دول مثل لبنان، الأردن، فلسطين، تونس، المغرب، يمثل "خطوة مهمة في طريق طويل نحو تحقيق العدالة".

العنف الجنسي في النزاعات

نبهت دبوس إلى أن التقرير لا يقتصر على أوضاع السلم، بل يلفت الانتباه إلى خطورة العنف الجنسي أثناء النزاعات المسلحة، حيث تصبح النساء والفتيات أهدافاً رئيسية ويتعرضن لاعتداءات بمعدلات تفوق أوقات السلم بعشرة أضعاف. 

وأكدت أن "المرأة في هذه السياقات تُستخدم سلاح حرب لإذلال المجتمع بأسره"، وهو ما يجعل الوصول إلى العدالة شبه مستحيل في ظل غياب مؤسسات قضائية فاعلة.

ودعت دبوس إلى ضرورة كسر الصمت المحيط بالعنف الجنسي في النزاعات المسلحة، مستشهدة بأمثلة من الحرب الأهلية اللبنانية، وما وقع في غزة والعراق وسوريا. 

وأكدت أن الاعتداءات الممنهجة لم تُواجَه حتى الآن بالمساءلة الكافية، مطالبة ببدء نقاش مجتمعي واسع حول هذه القضايا من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً للنساء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية