معاناة متزايدة.. شباب إيران بين مطرقة الغلاء وسندان المستقبل الغامض
معاناة متزايدة.. شباب إيران بين مطرقة الغلاء وسندان المستقبل الغامض
كشفت صحيفة "شرق" الإيرانية معاناة متزايدة لشباب الطبقة المتوسطة في إيران الذين يعيشون حالة قلق مزمن بشأن مستقبلهم بسبب تفاقم الضغوط الاقتصادية.
وأفاد التقرير المعنون بـ"السقوط في ميدان الفقر" أن هذه الفئة، رغم حصولها على رواتب تتراوح بين 20 و30 مليون تومان شهريًا، لم تعد قادرة على تغطية نفقاتها المعتادة أو الحفاظ على مستوى معيشي مقبول كما في السنوات السابقة.
وأكدت الصحيفة أن الشباب الإيرانيين باتوا عاجزين عن القيام بأنشطة بسيطة للترفيه، مثل ارتياد المطاعم أو الأندية الرياضية أو شراء منتجات العناية الشخصية.
وأوضحت شابة للصحيفة، أن دخلها ارتفع من 5 ملايين تومان قبل أربع سنوات إلى 30 مليونًا اليوم، لكنها ما زالت تكافح لتغطية نفقاتها الشهرية.
وقالت: "أقصى ما نفعله للترفيه هو اللقاء في منازل الأصدقاء، بعد أن ألغينا تمامًا الخروج إلى المقاهي والمطاعم".
حياة مثقلة بالحرمان
أبرز التقرير أن بعض العائلات باتت تضطر إلى شراء الأغذية الأرخص فقط لسد الجوع، في حين تخلّى زوجان شابان، رغم عملهما معًا، عن بعض مشترياتهما الأساسية ولم يعودا قادرين حتى على شراء قهوتهما المفضلة التي اعتادا شراءها بانتظام.
وروت شابة تعمل في قسم الموارد البشرية بأحد مصانع الألبان أنها لم تعد تسجل في أي دورات تعليمية أو تخرج مع أصدقائها كما في السابق، موضحة أن أكثر ما يرهقها "ليس المال نفسه، بل الخوف من نفاد المال قبل نهاية الشهر".
وأظهرت بيانات صادرة عن مركز البحوث في البرلمان الإيراني أن نحو ثلث الإيرانيين سقطوا تحت خط الفقر المطلق خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرة إلى أن عدد الفقراء ارتفع بنحو 11 مليون شخص خلال العقد الأخير.
وأكدت تقارير أخرى أن الفقر المتزايد أدى إلى تراجع الروح المعنوية بين فئة المتعلمين، ما انعكس على تزايد موجات الهجرة، خصوصًا بين الطلاب والأكاديميين.
هجرة الأدمغة تفاقم الأزمة
كشف الباحث بهرام صلواتي، المدير السابق لمرصد الهجرة في إيران، أن أقل من 1% فقط من الطلاب الإيرانيين العائدين من الخارج يقررون البقاء في بلادهم، ما يعكس فقدان الأمل في تحسن الأوضاع.
وحذّر محمد جليلي، رئيس مركز جذب أعضاء هيئة التدريس بوزارة الصحة، في أبريل الماضي، من خروج أساتذة الجامعات نحو الخارج بوتيرة متسارعة، معتبراً أن هذه الظاهرة تهدد النظام التعليمي ومستوى التدريس في البلاد.
وتُظهر هذه المؤشرات أن أزمة الفقر في إيران لم تعد محصورة بالطبقات الدنيا، بل امتدت لتشمل شريحة واسعة من الطبقة المتوسطة التي كانت تُعد سابقًا أكثر استقرارًا.
ويواجه الشباب اليوم معضلة مركبة بين غلاء المعيشة وانعدام الأفق المهني، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن تؤدي هذه الأوضاع إلى موجة نزوح جديدة نحو الخارج، تهدد مستقبل التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.










