بعد مقاضاة مسن أمريكي للحكومة.. عنف المداهمات يفتح ملف انتهاكات الهجرة في عهد ترامب

بعد مقاضاة مسن أمريكي للحكومة.. عنف المداهمات يفتح ملف انتهاكات الهجرة في عهد ترامب
رافه شوهيد يروي العنف الذي تعرض له في مؤتمر صحفي

في مشهد أثار صدمة واسعة في مدينة لوس أنجلوس، أعلن رجل أمريكي يبلغ من العمر 79 عاماً أنه سيرفع دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية للمطالبة بتعويض قدره 50 مليون دولار، بعد تعرضه لمعاملة عنيفة خلال مداهمة نفذتها عناصر إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية على مغسل السيارات الذي يملكه، وتحوّلت القضية سريعاً إلى محور نقاش حقوقي وسياسي حول مدى التزام السلطات بمعايير القانون وحقوق الإنسان، خصوصاً في ظل السياسات الصارمة التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه المهاجرين.

المداهمة واتهامات بالإساءة

تظهر مقاطع فيديو التقطتها كاميرات المراقبة لحظة سقوط رافع شوهيد، الذي هاجر من إيران إلى الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، أرضاً بعد أن ثبته عناصر ملثمون على الأرض، فيما بدا أحدهم واضعاً ركبته على رقبته، وأكد شوهيد أنه كان يتوسل إليهم وهو يكرر أنه مريض قلب، لكنه قوبل بالتجاهل، بحسب فرانس برس.

وبحسب محاميه، فإن الرجل احتُجز نحو 12 ساعة دون الحصول على رعاية طبية رغم علم العناصر بأنه مواطن أمريكي، ولم يُفرج عنه إلا بعد اعتراف المحققين بخطأ الإجراء، ونُقل لاحقاً إلى المستشفى حيث تبيّن إصابته بكسور في الأضلاع ورضوض في الرأس والمرفق.

حملات الترحيل والعنف المفرط

تأتي الحادثة ضمن حملة واسعة شنها ترامب خلال ولايته، متعهداً بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، ومنذ 2017، تعرضت سياسات إدارته لانتقادات منظمات حقوقية محلية ودولية، التي اعتبرت أن ممارسات عناصر الهجرة اتسمت بالعنف المفرط وتجاهل الضمانات القانونية، وتكشف هذه القضية كيف يمكن أن تمتد آثار تلك الحملات حتى إلى مواطنين أمريكيين من أصول مهاجرة.

ردود فعل حقوقية ودولية

المنظمات الحقوقية وصفت الواقعة بأنها "انتهاك صارخ للمعايير الحقوقية الأساسية"، مشيرة إلى أن احتجاز شخص دون تهمة، خصوصاً في ظل علم السلطات بوضعه القانوني، يتعارض مع القانون الأمريكي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما انتقدت اللجنة الوطنية الأمريكية للحريات المدنية ما وصفته بـ"تطبيع العنف ضد المجتمعات المهاجرة".

من جهتها، دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الولايات المتحدة إلى التحقيق في ملابسات الحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها، مذكّرة بالتزامات واشنطن وفق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن الحق في الكرامة والمعاملة الإنسانية حتى في سياق إنفاذ القانون.

الأبعاد الإنسانية والقانونية

القضية تعكس أبعاداً إنسانية تتجاوز إصابات شوهيد الجسدية، إذ تمثل دليلاً على هشاشة الضمانات القانونية للمجتمعات المهاجرة، حتى بالنسبة لحاملي الجنسية الأمريكية، وتثير الحادثة تساؤلات حول سياسات الاحتجاز دون إشراف قضائي فوري، وهو موضوع لطالما أثار الجدل داخل الولايات المتحدة.

ويشير خبراء قانونيون إلى أن الدعوى القضائية قد تفتح الباب لمراجعة أوسع لممارسات وكالة الهجرة والجمارك، وربما فرض تعويضات أو إصلاحات هيكلية شبيهة بالقضايا السابقة التي أسفرت عن تغييرات في بروتوكولات الشرطة.

جدل متكرر حول العنف المؤسسي

لطالما وُجهت اتهامات إلى أجهزة إنفاذ القانون الأمريكية باستخدام القوة المفرطة، خاصة تجاه الأقليات والمجتمعات المهاجرة، حوادث مشابهة، مثل وفاة جورج فلويد عام 2020، أعادت مراراً تسليط الضوء على مسألة الإفراط في استخدام القوة وعلى الحاجة لإصلاحات مؤسسية جذرية، ما يجعل قضية شوهيد جزءاً من سياق أوسع يتجاوز ملف الهجرة، ليمس جوهر العلاقة بين المواطن والدولة.

مع رفع الدعوى البالغة قيمتها 50 مليون دولار، من المتوقع أن تشكل القضية اختباراً للقضاء الأمريكي في التعامل مع الانتهاكات المرتبطة بحملات الهجرة، كما ستعيد النقاش العام حول حدود سلطة الدولة في مواجهة ملف الهجرة، وأثر السياسات المتشددة على المجتمع الأمريكي بأكمله، وليس فقط على المهاجرين غير النظاميين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية