تهديد للحريات.. تقرير حقوقي يرصد 15 حالة انتهاك للحق في الإبداع بتونس
تهديد للحريات.. تقرير حقوقي يرصد 15 حالة انتهاك للحق في الإبداع بتونس
سلّطت ندوة صحفية عُقدت في تونس العاصمة، الثلاثاء، الضوء على التحديات التي تواجه حرية الإبداع في البلاد، حيث أجمع المشاركون على أن الحق في التعبير الفني يعيش واحدة من أسوأ مراحله منذ الثورة عام 2011.
وخلال الندوة استعرضت جمعيتا "تقاطع من أجل الحقوق والحريات" و"المساءلة الاجتماعية" تقريراً بعنوان "المبدعون بين السجن والمنع" يغطي الفترة الممتدة من فبراير 2021 حتى يوليو الماضي، مستنداً إلى شهادات موثقة ووثائق قضائية وإدارية، إضافة إلى مراجعة مضامين الإعلام العمومي، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء.
وكشف التقرير عن 15 حالة انتهاك للحق في الإبداع.. ثماني حالات تتعلق بملاحقات قضائية ضد فنانين، وسبع حالات تضمنت منعاً أو مصادرة لأعمال أدبية وفنية.
أنماط متكررة من القمع
رصد التقرير أنماطاً ممنهجة تمثلت في محاكمات تستهدف مضمون الأعمال الفنية، والاعتداءات على المبدعين، وحذف مقاطع من مسلسلات وأعمال درامية، إلى جانب مصادرة كتب وأفلام، وحملات تشويه رقمية، ورقابة ذاتية يمارسها الفنانون خوفاً من الملاحقة.
وأكد أن ما يبدو "حوادث متفرقة" هو في الواقع سياسة ممنهجة تُقيد الفضاء الثقافي وتدفعه نحو الانغلاق.
وطالب المشاركون في الندوة بمراجعة جذرية للمنظومة التشريعية لإلغاء القوانين القامعة لحرية التعبير، وإسقاط القضايا المرفوعة ضد المبدعين، مع ضمان استقلال المؤسسات الثقافية والإعلامية.
وشددوا على أهمية خلق فضاءات آمنة للإنتاج والعرض الفني، معتبرين أن حرية الإبداع ركن أساسي في بناء مجتمع ديمقراطي متوازن.
شهادات ميدانية
نددت غفران الفريجي، مديرة برنامج الجندر والأقليات في جمعية تقاطع، بما وصفته "انتهاكات ممنهجة" ارتُكبت منذ تموز يوليو 2021 ضد الفنانين والفنانات.
وأوضحت الفريجي أن القانون بات يُستخدم كوسيلة ضغط سياسي على الإبداع الشبابي، خاصة في أعمال الراب التي تحمل رمزية سياسية وانتقادات حادة للسلطة.
وأكدت مديرة برنامج الجندر والأقليات أن الفنانين يعيشون اليوم تحت رقابة ذاتية خانقة، فيما أصبح الشباب يخشون التعبير العلني خوفاً من الملاحقات والتنكيل.
حرية مهددة بعد الثورة
استعرض المتحدثون التباين بين مرحلة ما بعد الثورة التي شهدت انفجاراً إبداعياً وتحرراً ملحوظاً في المشهد الثقافي، ومرحلة السنوات الأخيرة التي شهدت تراجعاً خطيراً في الحريات.
وأشاروا إلى أن الفضاء الثقافي بات مهدداً بفقدان أهم مكتسبات الثورة: حرية التعبير، بعدما تحولت الكلمة إلى جرم قد يزج بأصحابها في السجن.
وأثار التقرير مخاوف من أن تؤدي هذه السياسات إلى إحباط شريحة واسعة من الشباب، وإبعادهم عن المشاركة في الحياة العامة نتيجة الخوف من الرقابة والعقوبات.
وحذّر من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تآكل الثقة بين المبدعين والسلطة، وإلى مزيد من الانغلاق الثقافي والاجتماعي.