مسودة القانون الجديدة تثير الجدل.. نقابات نيوزيلندا تخشي انتهاكات حقوق العمال
مسودة القانون الجديدة تثير الجدل.. نقابات نيوزيلندا تخشي انتهاكات حقوق العمال
وصفت الحكومة النيوزيلندية إصلاحها المقترح لقوانين إجازات العمل باعتباره "تبسيطاً" لنظام معقّد أدى إلى أخطاء كبيرة في احتساب المدفوعات، لكن تثير الخطة مخاوف واسعة لدى النقابات العمالية وقادة مجتمعات جزر المحيط الهادئ (باسيفيكا) لأنها قد تخفض فعلياً دخلاً لبعض العمال أو تجعل حقوقهم أقل حماية، خصوصاً في القطاعات ذات العمل غير المنتظم والساعات الإضافية.
ما الذي تقترحه التعديلات؟
النقطة الأساسية في مشروع القانون هي الانتقال من نظام منح رصيد إجازات سنوية وعينية (أسابيع/أيام) بعد فترة خدمة محددة، إلى نظام احتساب بالساعات يُكسب العامل من اليوم الأول حصصاً من الإجازة تقاس بالساعة، مع آليات تعويض مختلفة للعاملين المؤقتين والعاملين الإضافيين في كل القطاعات الاقتصادية، وتقول الحكومة إن هذه الصيغة ستقلل الأخطاء في الحساب وتسهّل الامتثال، بينما يتوقع المؤيدون أن يحصل بعض العاملين المؤقتين على مدفوعات مقدّمة مقابل حقوق الإجازة، وفق موقع الحكومة النيوزلندية.
المخاوف المتكررة في نيوزيلندا بحسب موقع "business-humanrights" تتركز حول أن التحوّل إلى نظام يعتمد بشكل مباشر على الساعة المدوّنة سيقلص مدفوعات الإجازة للذين يعملون في وظائف غير منتظمة أو بدوام جزئي، وهم شريحة كبيرة بين أبناء الجاليات الباسيفيكية، ويعمل كثيرون في الضيافة والمطاعم والرعاية وكذا في قطاعات تشكّل فيها الساعات الإضافية جزءَاً مهماً من الدخل؛ وعندما تُحتسب الإجازة بالساعة فقط، سينخفض دخلهم خلال فترات الغياب أو المرض، وحذر نقابيون من أن الأثر سيكون "غير متناسب" على العائلات الباسيفيكية في ظل الأجور المنخفضة.
حقائق سكانية واقتصادية تعزز القلق
الأرقام الرسمية تظهر أن مجتمعات الباسيفيكا تمثل شريحة مهمة من سوق العمل في نيوزيلندا، وتتركز توظيفاتهم غالباً في قطاعات مثل الضيافة وخدمات الطعام التي شهدت نمواً في إنشاء الوظائف للباسيفيكا، كذلك تبقى مستويات الدخل الوسطي لهذه الفئة أدنى من المتوسط العام، ما يجعل أي نقص طارئ في الدخل أثناء الإجازات أزمة ملموسة لأسر تعتمد على كل ساعة عمل، وسيؤثر أي تعديل يقلل فعلياً من مدفوعات الإجازة على القدرة على دفع الفواتير، وعلى دعم أقارب في الجزر، وعلى الأمن الغذائي للأسرة.
ردود النقابات والمجتمع المدني
نقابات العمال والمنظمات المجتمعية في نيوزيلندا أطلقت تحذيرات متكررة. قيادات النقابات تقول إن ما يُعرض "يخلق رابحين وخاسرين" وأن الأثر يتوزع ضد النساء والمهاجرين والعمال بدوام جزئي، خاصة من الباسيفيكا.
دعاوى حزبية ونقابية وبيانات من مجموعات مدافعة عن حقوق العمال تطالب بتعديلات تحمي الساعات الإضافية وتضمن ألّا تنخفض مدفوعات الإجازة الفعلية للعاملين الأشد هشاشة، وهذه الأصوات تُطالب بإجراء تقييم تفصيلي للأثر الاجتماعي قبل إقرار أي قانون.
موقف الحكومة وأصحاب العمل
تؤكد الحكومة أن الهدف هو تبسيط منظومة معقدة أدت إلى أخطاء دفع كُلفت القطاع العام وشركات خاصة مليارات، وأن نظام الاحتساب بالساعات يعالج تحديات تقنية وتقنينية في تطبيق القانون الحالي، أيضاً يدعم قطاع أصحاب العمل الفكرة باعتبارها تخفف التعقيد الإداري وتحد من المخاطر القانونية التي واجهتها شركات كبرى، و بعض المقترحات تقضي بمنح تعويضات مباشرة للعاملين الذين لا يمكن أن يتراكم لديهم رصيد بسبب طبيعة عملهم (مثلاً زيادة مقطوعة للعاملين العابرين)، لكن النقاش يتعلق بكيفية تصميم تلك التعويضات لكي لا تُترجم إلى خسارة فعلية للشرائح الأضعف.
الأبعاد الإنسانية
للأسرة العاملة الباسيفيكية غالباً ميزانية ضيقة وحملات رعاية بحثاً عن فرص أفضل؛ فقد تعتمد العائلة على كل ساعة عمل لصرف مصاريف السكن والمدارس والرسوم العائلية، وتقليص مدفوعات الإجازة المرضية يضغط على العامل للذهاب للعمل وهو مريض، ما يفاقم الصحة العامة وانتقال العدوى في أماكن العمل مثل المطاعم ودور الرعاية، كذلك قد يدفع فقدان حماية الإجازة بالنساء إلى فقدان القدرة على الاعتناء بالأطفال أو المساهمة في تعليمهم، وهذه تداعيات إنسانية مباشرة تتجاوز الحسابات التقنية.
الإطار الدولي والتزامات حقوق العمل
نيوزيلندا عضو فاعل في منظمة العمل الدولية، وتواجه معايير دولية تُشدّد على حماية الإجازات والأمان الاجتماعي كحماية للكرامة الإنسانية في العمل، وأي تعديل يجب أن يخضع لمعايير العدالة وعدم التمييز، وتقييم الأثر على المجموعات الضعيفة.
الدول الأعضاء مطالبة بضمان أن إصلاحات العمل لا تُضعف الحقوق الأساسية في إطار التزاماتها الدولية.
معوقات التنفيذ وكيف تقلص الخسائر؟
خلاصة النقاش العملي تشير إلى أن مخاطر الإضرار يمكن تلافيها عبر تصميم معدلات احتساب تضمن عدم خفض المدفوعات الفعلية للذين يعملون بظروف متغيرة؛ والاحتفاظ بحقوق الإجازات المرضية الأساسية دون انتظار تراكم طويل؛ وعمل آليات تحويل مرنة للتعويض الطارئ؛ وتعهدات تمويلية لصناديق حماية مؤقتة للفئات الأكثر تعرضاً، كما تطالب منظمات المجتمع المدني بإجراء مراقبة بعد التطبيق وتعديل القواعد فور ظهور نتائج سلبية.
إصلاح قوانين الإجازات مشروع واضح الهدف، لكن نجاحه يُقاس بعدالته العملية، إذا أرادت نيوزيلندا الحفاظ على سمعتها في حماية معايير العمل وحقوق الأقليات، فثمة ضرورة لأن تُدرج صوغاً تقيّدية تمنع تراجع حقوق الفئات الأكثر هشاشة، مع التزام حكومي بتمويل إجراءات تعويضية مؤقتة ومراجعة سريعة لضمان عدم تآكل الأجر الفعلي، وبحسب منظمات المجتمع المدني فالتخطيط التقني وحده لا يكفي؛ يجب أن يُصمّم الإصلاح من منظور اجتماعي وإنساني يضع العامل والأسرة في مركز السياسة، ولا يتركهم ضحية لسهولة الحسابات الرقمية.