"نحب نغني".. نادٍ موسيقي يمنح مساحة من الحرية للنساء في تونس

"نحب نغني".. نادٍ موسيقي يمنح مساحة من الحرية للنساء في تونس
نادٍ للموسيقى في تونس

يمنح الغناء المرأة نافذةً تتنفس منها الحياة، ويعيد إليها ملامح الفرح التي تذوب في زحمة المسؤوليات وضغوط العمل، فبينما اختارت الكثير من النساء طريق الدراسة والتفوق المهني، غاب عن كثيرات منهنّ فرصة الاهتمام بصوتهن الداخلي وموهبتهن الدفينة في الغناء، لتبقى تلك الرغبة الطفولية حبيسة الجدران، تنتظر لحظة الإفراج عنها.

أسست مجموعة من النساء التونسيات ناديًا يحمل اسم "نحب نغني" ليكون مساحة حرة لتلك الأصوات التي تفتقد للظهور، فقد أتاح النادي لمنتسباته، وهنّ نساء مثقفات يجتمعن على شغف واحد، فرصة الغناء الجماعي في المركز الثقافي بالمنزه السادس بمعدل حصتين أسبوعيًا، ليعيد لهنّ ما فقدنه من شغف ومتعة وطمأنينة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت.

رؤية هاجر بن سلامة

تحدثت المشرفة على النادي، هاجر بن سلامة، عن تجربة التأسيس، قائلةً إن الدافع كان رغبةً مشتركة في كسر الرتابة الموسيقية التي تكررت في النوادي السابقة، إذ فقدت النساء هناك الإحساس بالنشوة الفنية

وأوضحت أنهنّ قررن العودة إلى الجذور الموسيقية العربية والتونسية عبر المالوف والموشحات والأغاني الكلاسيكية التي تلامس الوجدان وتُعيد التوازن النفسي، مؤكدة أن النادي يسعى إلى "إحياء روح الغناء لا مجرد ترديد الكلمات".

ضمّ النادي نخبة من النساء من خلفيات مهنية مختلفة -بين الطبيبة وخبيرة المحاسبة والأستاذة الجامعية والمديرة- ما جعل التجربة أكثر ثراءً. 

وأشارت بن سلامة إلى أن اختيار الأغاني يتم بعناية ليشمل لغات متعددة، كالفرنسية والإنجليزية، إضافة إلى الأغاني ذات الطابع الإنساني التي تواكب قضايا الحروب والسلام مثل أغنية Imagine وThere is no war.

إحياء التراث الموسيقي

أكدت المشرفة أن المالوف يُعدّ كنزًا موسيقيًا لا يُقدّر بثمن، وأن النادي أضاف إليه لمسة معاصرة تعبّر عن الهوية الثقافية التونسية. 

كما شددت على أن هدف النادي لا يقتصر على الغناء، بل يتعداه إلى نشر الثقافة الموسيقية وتعزيز الوعي الفني لدى النساء، بحيث تخرج كل مشاركة من النادي بطاقة إيجابية تحملها إلى أسرتها ومحيطها.

أوضحت بن سلامة أن الغناء في النادي لا يُمارس عشوائيًا، بل يُدرّس بأسلوب فني سليم، يرتكز على فهم المعاني والمقامات، لأن الفن -كما تقول- "لا يكتمل إلا بالمعرفة". 

كما ينظم النادي حفلات دورية تُخصّص عائداتها للأعمال الخيرية، ما يمنح التجربة بعدًا إنسانيًا يربط بين الفن والعطاء.

تجربة الطبيبة هيفاء

روت هيفاء بوزقرو، طبيبة الأسنان، تجربتها مع النادي قائلة إنها انجذبت إلى هذا الفضاء بسبب جودة الموسيقى وأصالة الأداء. 

وأوضحت أن دراسة الطب ومسؤوليات العمل حرمتها من تنمية شغفها القديم بالغناء، لكن النادي منحها الفرصة لتوازن بين مهنتها وإنسانيتها. 

وأضافت أنها وجدت في الغناء طاقة تعيدها إلى ذاتها، وتجعلها أكثر هدوءًا في تعاملها مع أطفالها ومرضاها.

اختتمت بوزقرو حديثها برسالة مؤثرة إلى النساء العاملات والأمهات: "الغناء ليس ترفًا، بل ضرورة نفسية، فالأم التي تستعيد توازنها عبر الفن، تمنح أسرتها حبًا أعمق وسلامًا أكبر".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية