"عدنا من البحر ولن نصمت".. نشطاء أيرلنديون يروُون رحلة الاحتجاز في إسرائيل

"عدنا من البحر ولن نصمت".. نشطاء أيرلنديون يروُون رحلة الاحتجاز في إسرائيل
نشطاء أيرلنديون عائدون إلى بلادهم من إسرائيل

وسط الظلام الذي يحيط بأرض مطار دبلن، كانت العيون تلمع بدموع الفرح والوجع معًا، فقد عاد خمسة نشطاء أيرلنديين إلى وطنهم، كانوا بين المشاركين في أسطول الصمود بعد رحلة لم تكتمل نحو قطاع غزة، رحلة بدأت بالأمل وانتهت خلف أسوار السجون الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن ما حملوه في قلوبهم من تصميم بدا أكبر من القيود التي كبّلتهم.

وعندما فُتحت أبواب الطائرة، تعالت الهتافات في قاعة الاستقبال، واحتضن الأهالي أبناءهم بقوة وكأنهم يحاولون محو كل ما رأوه من خوف وإهانة، كان المشهد إنسانياً بامتياز، تلتقي فيه العائلات بذويها ويتلاقى فيه الوطن مع الرسالة الإنسانية لنشطاء أسطول الصمود.

بادي أودونوفان، أحد العائدين، تحدث بصوت متهدج وهو يستعيد تفاصيل السجن بحسب فرانس برس، فقال إنهم شربوا مياهاً غير نظيفة من حمام واحد، وتشاركوا فراشاً واحداً على الأرض في زنازين مكتظة، وأضاف أنه لم يكن يخشى على حياته بقدر ما خشي أن يُحرم من العودة إلى وطنه ليحكي ما جرى.

صدمة التجربة وإصرار الرسالة

الكوميدي الأيرلندي تاد هيكي الذي تحوّل من المسرح إلى ساحة النضال الإنساني، وصف ما رآه بأنه تجربة تهز الروح، وقال إن القسوة التي لمسها بأم عينه داخل السجن لم تكسر إرادته بل زادته يقيناً بأن العدالة لا تُمنح بل تُنتزع، وأضاف: "أن تلمس قسوة إنسان على إنسان، كان أمراً مؤلماً، لكنه جعلني أكثر إيماناً بأن إنسانيتنا تحتاج لمن يدافع عنها".

السلطات الإسرائيلية نفت الاتهامات بسوء المعاملة ووصفت الأسطول بأنه امتداد لحركة حماس، لكن النشطاء رفضوا هذا الوصف قائلين إن رحلتهم لم تكن سياسية بل إنسانية، هدفها إيصال الغذاء والدواء إلى أناس حاصرتهم الحرب والعزلة منذ سنوات.

قال هيكي وهو يودع الصحفيين عند خروجه من المطار إنهم ليسوا أعداء أحد، بل أصدقاء للإنسان، وإن محاولاتهم لن تتوقف مهما تكررت الاعتقالات أو الترحيل.

وعد بالعودة إلى البحر

بادي أودونوفان أعلن أن الأسطول القادم قيد الإعداد بالفعل، وأنه سيكون على متنه من جديد، "لن نتراجع"، وقال وهو يرفع يده عالياً، "سنعود إلى البحر لأن غزة ما زالت تنتظر من يحمل إليها رسالة حياة".

منذ عام 2007 يعيش أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة تحت حصار بحري وبري وجوي زادت حدته بعد أحداث أكتوبر 2023 واندلاع الحرب على غزة، وبينما تحاول أساطيل مدنية حول العالم كسر هذا الطوق لإيصال المساعدات، فكثيرًا ما تُعترض السفن في عرض البحر قبل أن تقترب من الساحل.

ورغم الاعتقالات والمصادرة، فلا تزال هذه الأساطيل تبحر بين الموانئ رمزاً للإصرار الإنساني على إيصال الضوء إلى منطقة أنهكتها الحروب، وفي كل رحلة يبحر أشخاص عاديون، يحملون قلوبًا كبيرة تكفي لأن تصمد أمام الأمواج، وأملاً يكفي لأن يضيء البحر حتى لو كان محاطًا بالأسوار.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية