حين يكتب الصحفيون بدمائهم.. يافا أبو عكر تروي وجع الكلمة في غزة

حين يكتب الصحفيون بدمائهم.. يافا أبو عكر تروي وجع الكلمة في غزة
الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر

بعد عامين من الألم والرماد، تخرج الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر من صمتٍ ثقيل لتكتب شهادتها عن جرحٍ لم يندمل، عن زملاء رحلوا في قطاع غزة و لكنهم بقوا في الذاكرة بقاء صوت الحقيقة في زمن الحرب.

تقول يافا في منشور على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "اليوم فُتح العزاء وفُتحت الجروح"، جملة تختصر فصولًا من المعاناة عاشها الصحفيون الفلسطينيون منذ السابع من أكتوبر، وهم يقفون في قلب النار لينقلوا للعالم ما يجري في غزة، بأعين تدمع وقلبٍ يصرّ على البقاء حيًّا رغم كل شيء.

صحفيون فلسطينيون في غزة

غزة.. حيث تُكتب الحقيقة بالدم

منذ اندلاع الحرب، تحوّل الميدان إلى مسرح دموي فقدت فيه غزة عشرات الصحفيين الذين كانوا شهودًا على المأساة قبل أن يصبحوا جزءًا منها.

يافا تكتب عنهم كما لو كانت تكتب عن نفسها: "نبكي مريم التي كانت معنا واليوم نفتقدها، نبكي محمد ومحمد يبكينا، نبكي أنس، حسن، سليمان، إسماعيل، أحمد، إبراهيم، وكل من رحلوا عنا".

كانت تلك الأسماء تملأ غرف التحرير بالضحكات، ذات يوم، قبل أن يملأها الصمت، لم تعد الكاميرا مجرد أداة مهنية، بل شاهدة على الفقد وعلى شجاعة لا يمكن وصفها.

جروح الذاكرة لا تلتئم

في خيمة صغيرة نصبها الصحفيون في غزة لتأبين زملائهم، اختلطت الدموع بالكلمات.

يتحدث الناجون عن ليالٍ من الرعب تحت القصف، وعن مشاهد لا تُنسى، عن زملاء انتشلوا من تحت الركام وهم ما زالوا يحملون كاميراتهم.

تقول يافا: “كل صحفي وصحفية هنا حمل حربين على كتفيه، سنتين من الألم والوجع والكتمان.. لا يعلم بهما إلا الله”.

لم تكن الحرب بالنسبة لهم خبرًا يغطونه، بل جرح يعيش فيهم، يتجدد كل يوم مع ذكرى شهيدٍ جديد.

الكلمة الحرة.. آخر ما تبقّى

ورغم الخسارات، بقيت الكلمة الفلسطينية صامدة. يافا، ككثير من الصحفيين في غزة، تؤمن بأن صوت الحقيقة لا يُقصف، وأن الحبر لا يُدفن.

تختم حديثها بعبارة تُشبه القسم: “ولتبقَ الكلمة الحرة شاهدة على وجعنا وصمودنا”.

بعد عامين من الحرب المدمرة على غزة، التي اندلعت في أكتوبر 2023 عقب هجوم مسلح شنته حركة حماس على إسرائيل وأدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز عشرات الرهائن، دخل القطاع في واحدة من أكثر المراحل دموية في تاريخه الحديث حيث ردّت إسرائيل بهجوم واسع النطاق خلّف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين ومنهم نحو 254 صحفياً، ودمّر البنية التحتية بشكل شبه كامل، في حين حوصر أكثر من مليوني إنسان في ظروف إنسانية قاسية تتسم بانعدام الغذاء والدواء والمياه والكهرباء. ورغم صدور قرارات دولية عدة دعت إلى وقف إطلاق النار، كان أبرزها قراري مجلس الأمن 2728 و2735 لعام 2024، استمر تبادل القصف والهجمات المتبادلة، لتظل المعاناة الإنسانية تتفاقم يومًا بعد آخر.

وفي تطور حديث وُصف بأنه الأمل الأول لإنهاء النزاع، أعلنت الولايات المتحدة في أكتوبر الجاري عن اتفاق أولي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يتضمن تنفيذ مرحلة أولى تشمل تبادل الرهائن والأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية تدريجيًا، ويُنظر إلى هذا الاتفاق الذي ينتظر المصادقة الرسمية من الحكومة الإسرائيلية، باعتباره خطوة تمهيدية نحو سلام دائم، رغم المخاوف من هشاشته والتحديات الكبرى التي تواجه تنفيذه على أرض الواقع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية