"علقوا في الوحل".. إنقاذ عشرات المهاجرين خلال محاولتهم عبور المانش
"علقوا في الوحل".. إنقاذ عشرات المهاجرين خلال محاولتهم عبور المانش
تدفقت فرق الإنقاذ الفرنسية إلى قناة "غرافلين" شمال فرنسا بعد أن علِق عشرات المهاجرين في الوحل أثناء محاولتهم عبور بحر المانش باتجاه السواحل البريطانية.
وأفادت السلطات بأن فرق الجمعية الوطنية الفرنسية للإنقاذ البحري استعانت بالحبال والمصابيح اليدوية لإنقاذ المهاجرين الذين كانوا عالقين في الطين حتى خصورهم، في مشهد مأساوي يعكس خطورة محاولات العبور غير النظامي المتكررة.
أوضحت قناة فرانس 3 أوت دو فرانس، الجمعة، أن سكان منطقة “غراند فورت فيليب” الواقعة قرب كاليه، سمعوا صرخات استغاثة قادمة من القناة حوالي الساعة العاشرة وخمسٍ وأربعين دقيقة مساءً، فبادروا إلى إبلاغ فرق الإنقاذ.
ونشرت القناة مقطع فيديو يُظهر أحد المهاجرين وهو يُسحب بواسطة حبل إلى اليابسة وقد بدا عليه الإعياء الشديد، في حين واصل المنقذون سحب الآخرين واحداً تلو الآخر في ظلام دامس.
وبيّن الشاهد المحلي جان ديلديك أن القارب المطاطي الذي كان يقلّ المهاجرين اصطدم بقاع القناة فانثقب، ما أدى إلى سقوط الركاب في الماء والوحل، قبل أن تصل فرق الإنقاذ لإنقاذهم من الغرق.
القارب ضمّ 50 شخصًا
ذكرت محافظة الشمال الفرنسية أن القارب كان يحمل خمسين مهاجراً من جنسيات مختلفة، بينهم أفغان وإيرانيون وباكستانيون، حاولوا الانطلاق نحو المانش ليلًا مستغلين هدوء البحر.
لكن سوء الأحوال المائية وانخفاض مستوى المد جعلا القارب يعلق في الوحل قبل مغادرة القناة، لتتكرر المأساة التي شهدتها المنطقة في يوليو الماضي حين علِق نحو خمسين مهاجراً بالطريقة ذاتها في قناة "Aa" القريبة.
وأشارت بيانات رسمية إلى أن ليلة 8 إلى 9 أكتوبر شهدت عدة محاولات لعبور المانش، إذ وصل 1075 مهاجراً على متن 15 قاربًا إلى المملكة المتحدة خلال يوم واحد فقط، وفق إحصاءات السلطات البريطانية.
ويأتي ذلك رغم توقيع باريس ولندن هذا الصيف اتفاقية جديدة للحد من ظاهرة "القوارب الصغيرة"، والتي تنص على التعاون الأمني وتبادل المهاجرين وفق مبدأ "واحد مقابل واحد".
تبادل إعادة المهاجرين
أكدت وزارة الداخلية البريطانية في بيان لها، أن لندن أعادت 26 مهاجراً إلى فرنسا منذ بدء تنفيذ الاتفاق في أغسطس الماضي، في حين استقبلت تسعة مهاجرين آخرين تم قبول تسوية أوضاعهم في المملكة المتحدة بموجب بنود الاتفاق.
وصرّحت وزيرة الداخلية البريطانية شبانة محمود: "مع استئناف الرحلات الجوية إلى فرنسا وتكثيفها، نوجه رسالة واضحة: من يدخل أراضينا بطريقة غير قانونية سيواجه خطر الاحتجاز والترحيل".
ولم تمنع هذه التحذيرات آلاف المهاجرين من مواصلة محاولاتهم الخطيرة لعبور المانش، فحسب إحصاءات موقع "مهاجر نيوز"، وصل منذ بداية العام وحتى 8 أكتوبر أكثر من 35,476 مهاجراً إلى السواحل البريطانية على متن قوارب صغيرة، مقارنةً بـ 26,612 مهاجراً في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتشير الأرقام إلى أن العام الحالي يسجّل أعلى معدلات عبور في هذه المرحلة، متجاوزاً حتى الأرقام القياسية لعام 2022 الذي شهد وصول 45 ألف مهاجر إجمالاً.
أزمة إنسانية تتفاقم
تعكس هذه الوقائع تصاعد الأزمة الإنسانية التي يعيشها المهاجرون العالقون بين فرنسا وبريطانيا، حيث يخاطر الآلاف بحياتهم في محاولات محفوفة بالموت، هرباً من الحروب أو الفقر أو الاضطهاد.
وبينما تتبادل باريس ولندن الاتهامات بشأن فشل السياسات الأمنية، يبقى المهاجرون الضحايا الأبرز في معادلة قاسية تتجاهل دوافعهم الإنسانية وتُخضعهم لحسابات سياسية متغيرة.