بولندا تجدد رفضها ميثاق الهجرة الأوروبي وتتمسك بسيادتها الحدودية

بولندا تجدد رفضها ميثاق الهجرة الأوروبي وتتمسك بسيادتها الحدودية
الرئيس البولندي كارول ناوروكي

أعلن الرئيس البولندي المحافظ كارول ناوروكي، الجمعة، رفض بلاده القاطع تطبيق ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي، في موقفٍ صريح أعاد التأكيد على سياسة بلاده المتشددة تجاه استقبال المهاجرين. 

وجاء ذلك في رسالةٍ رسمية وجّهها إلى أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أكد فيها أنه "لن يوافق على تطبيق ميثاق الهجرة واللجوء في بولندا"، في خطوةٍ تمثل تحدياً واضحاً لموقف بروكسل من قضية الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي.

وذكرت وكالة الأنباء البولندية الرسمية أن هذا الرفض يأتي استمراراً للسياسة التي تبنّتها الحكومة البولندية منذ سنوات تجاه سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتوزيع المهاجرين. 

وأوضح التقرير أن ناوروكي يسعى من خلال موقفه إلى ترجمة وعوده الانتخابية التي قطعها في حملته الأخيرة، رغم افتقاره للسلطات الدستورية التي تتيح له الانسحاب من الاتفاق بشكل أحادي.

ويرى الرئيس البولندي أن الحل لا يكمن في "نقل المهاجرين من دول الجنوب إلى أوروبا الوسطى والشرقية"، بل في معالجة جذور الأزمة من الدول الأصلية، مع تشديد الرقابة على شبكات التهريب عبر البحر المتوسط والبلقان.

الحكومة تتمسك بالاستثناء

أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في وقت سابق من العام الجاري أن بلاده "لن تطبق أي بند يُلزمها بقبول المهاجرين الوافدين إلى أوروبا"، مؤكداً أن بولندا تتحمل بالفعل عبئاً هائلاً في الدفاع عن الحدود الشرقية للاتحاد، خصوصاً مع بيلاروسيا، فضلاً عن استضافتها ما يقرب من مليون لاجئ أوكراني منذ اندلاع الحرب مع روسيا عام 2022.

وتشير بيانات حلف شمال الأطلسي إلى أن بولندا ستنفق خلال عام 2025 نحو 4.48 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي النسبة الأعلى بين الدول الأعضاء في الحلف. 

ويعد هذا الرقم، وفق المراقبين، مؤشراً على رغبة وارسو في تعزيز مكانتها كدرع أمني لأوروبا الشرقية على حساب التزاماتها الإنسانية تجاه اللاجئين.

معارضة داخلية واسعة

تُظهر استطلاعات الرأي أن غالبية البولنديين يرفضون استقبال المهاجرين بموجب آلية التضامن الأوروبية، ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة Opinion24 لصالح إذاعة RMF FM، يعارض ما لا يقل عن 75 في المئة من البولنديين نقل المهاجرين إلى بلادهم، فيما أيد واحد من كل خمسة فقط هذه الخطوة. 

ويرى المراقبون أن هذا الرفض الشعبي يغذي الخطاب القومي المحافظ الذي يتبناه ناوروكي، ويمنحه زخماً في مواجهة المفوضية الأوروبية.

ودعت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، في تصريحاتٍ سابقة يوم 10 سبتمبر الماضي، جميع الدول الأعضاء إلى الالتزام بتطبيق الميثاق الجديد، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى "نظام عادل وإنساني يعيد طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلدانهم الأصلية". 

وأضافت أن "الميثاق الأوروبي صارم لكنه عادل، ولن ينجح إلا إذا قام كل طرف بدوره، سواء كانت الدول من الشمال أو الجنوب، أو الشرق أو الغرب".

أزمة بين وارسو وبروكسل

يُتوقع أن يزيد الموقف البولندي من حدة التوتر داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الخلافات المتصاعدة بين دول الشرق ودول الغرب بشأن قضايا الهجرة والأمن. 

ويعتبر مراقبون أن هذا الرفض ليس مجرد موقف قانوني، بل يعكس صراعاً أوسع حول مفهوم السيادة الوطنية داخل الاتحاد، ومدى التزام الدول الأعضاء بسياسات التضامن الأوروبية.

ويرى خبراء أن بولندا تسعى، عبر هذا التمرد على الميثاق، إلى تثبيت نفسها كقوة حامية للحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي، في وقتٍ يتزايد فيه قلق العواصم الأوروبية من تدفقات الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط والبلقان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية