ياسمينة جيلالي.. رياضية جزائرية حوّلت الاكتئاب إلى رسالة أمل للنساء

ياسمينة جيلالي.. رياضية جزائرية حوّلت الاكتئاب إلى رسالة أمل للنساء
الجزائرية ياسمينة جيلالي

حوّلت الشابة الجزائرية ياسمينة جيلالي معاناتها مع الاكتئاب إلى دافع للنجاح، فبدلاً من الاستسلام لمرضها النفسي، تمسكت بالرياضة كوسيلة للعلاج والتحرر، حتى أصبحت مدربة معتمدة تطمح إلى مساعدة النساء على استعادة ثقتهن بأنفسهن. 

ومن تجربتها الشخصية، أسست جيلالي جمعية "تعافي" لتمنح المصابات بالاكتئاب والنساء المهمشات فرصة مجانية لممارسة رياضة الفتنس وكمال الأجسام، لتجعل من الرياضة رسالة إنسانية قبل أن تكون مهنة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.

برزت ياسمينة في مدينة الشلف، الواقعة في الغرب الجزائري، كرمز للإصرار والتحدي، إذ استطاعت أن تتغلب على حالتها النفسية المزمنة بالرياضة، وأن تحول أزمتها إلى مشروع يخدم غيرها من النساء. 

الرياضة كوسيلة للتنفيس

تقول جيلالي، وهي في العقد الثالث من عمرها: "لم أكن أخطط لأن أكون مدربة رياضية، فأنا خريجة كلية الحقوق، كنت أطمح لمهنة المحاماة، لكن بعد ولادة ابني الثاني، أصبت باكتئاب حاد فقررت أن أمارس الرياضة كوسيلة للتنفيس وتجاوز الألم".

وتضيف: "تحولت هذه الخطوة البسيطة إلى بداية مشروعي الإنساني، فقد حصلت على شهادات تدريبية معتمدة، وبدأت أساعد نساء أخريات يعانين من الاكتئاب، فكانت الرياضة بالنسبة لنا طريق التعافي من الداخل قبل الخارج".

انطلقت مبادرتها من قناعة بأن الرياضة ليست ترفاً بل علاجاً، فاستهدفت من خلال جمعيتها "تعافي" النساء المريضات والمسنات والمهمشات، لتوفر لهن بيئة داعمة ومجانية تتيح لهن ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام. 

وتقول: "لا يجب انتظار توصية الطبيب لممارسة الرياضة، فهي نوع من العلاج الوقائي والنفسي. كثير من النساء وجدن فيها راحة جسدية وتوازناً نفسياً جعلتهن أكثر قوة وثقة بالحياة".

عوامل ثقافية واجتماعية

وتلفت جيلالي إلى أن ضعف المشاركة النسائية في الرياضة بالمدن الداخلية الجزائرية يرتبط بعوامل ثقافية واجتماعية، أبرزها الاعتقاد السائد بأن الرياضة حكر على الرجال، أو أنها ترف لا يتناسب مع دور المرأة الأسري. 

وتضيف أن "العادات والتقاليد المتوارثة وغياب البنية التحتية الرياضية النسائية تعمق الفجوة، فالكثير من المدن تفتقر إلى قاعات وملاعب ومسابح خاصة بالنساء، مما يدفعهن إلى ممارسة الرياضة في أماكن محدودة أو مغلقة".

وتشير الدراسات الجامعية، بحسب قولها، إلى أن هذه المعوقات الاجتماعية تشكل حاجزاً حقيقياً أمام النساء، داعية إلى "تحرير الوعي المجتمعي من الأفكار النمطية التي تربط ممارسة الرياضة بالذكورية، والعمل على ترسيخها كحق إنساني وصحي للنساء".

علاج نفسي والتأهيل

تؤكد ياسمينة أن الرياضة أصبحت "نوعاً من العلاج النفسي والتأهيل الاجتماعي"، مطالبة بضرورة دعم الجمعيات المحلية وتوفير بيئة آمنة للنساء لممارسة الرياضة، خصوصاً في المدن الصغيرة، إضافة إلى إطلاق برامج توعوية عبر القنوات التلفزيونية والمراكز الثقافية لتشجيع النساء على دمج النشاط البدني في حياتهن اليومية.

وترى جيلالي أن تجربتها الشخصية خير دليل على أن الرياضة قادرة على شفاء الجسد والروح معاً، قائلة: "كنت أبحث عن نفسي وسط ظلام الاكتئاب، فوجدت ضوءي في الرياضة.. اليوم، أرى كل امرأة تمارس الفتنس أو كمال الأجسام بابتسامة بعد معاناة، فأشعر أنني لم أتعافَ وحدي، بل جعلت من ألمي طاقة تمنح الأمل لغيري".

قصة ياسمينة جيلالي لم تعد مجرد تجربة فردية، بل أصبحت رمزاً نسوياً في الجزائر، يذكّر بأنّ الألم يمكن أن يتحوّل إلى طاقة تغيير، وأنّ التحدي حين يقترن بالإصرار، يصنع من المرأة مثالاً للصمود والإلهام.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية