لاجئو السودان في ليبيا.. بين معاناة النزوح ومخاوف العودة لجحيم الحرب
لاجئو السودان في ليبيا.. بين معاناة النزوح ومخاوف العودة لجحيم الحرب
تتجسد المأساة السودانية اليوم في وجوه آلاف اللاجئين الذين تاهوا بين الصحراء والبحر، بين حلم العودة إلى وطن أنهكته الحرب، ورغبة الوصول إلى برّ أمان بعيد عن الرصاص والجوع والخوف.
في ليبيا، يتكدس الأمل بالألم، حيث يعيش اللاجئون السودانيون ظروفًا إنسانية قاسية تُحاصرهم بين الفقر والعنف والتهديد، فيما تظل العودة إلى الوطن أو العبور إلى أوروبا خيارين محفوفين بالموت، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الثلاثاء.
منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان في أبريل 2023، تحولت ليبيا إلى واحدة من أبرز محطات اللجوء المؤقت للسودانيين الهاربين من جحيم الحرب.
وتشير بيانات تتبع النزوح إلى أن طرق الهجرة الصحراوية الممتدة بين السودان وليبيا أصبحت مساراً للمآسي، حيث يواجه المهاجرون العطش، والانتهاكات، والاستغلال على أيدي عصابات تهريب البشر.
رحلة نزوح طويلة
سناء، وهي أم لستة أطفال، تروي قصتها الموجعة بعد أن هاجمت قوات الدعم السريع منزلها في الخرطوم، لتبدأ رحلة نزوح طويلة ومليئة بالخطر.
تقول سناء، إنها لم تحمل شيئًا سوى أطفالها، وسارت لأيام عبر الصحراء حتى وصلت إلى مدينة الفاشر، قبل أن تجبرها القذائف والعنف المتواصل على مغادرة السودان نحو ليبيا في رحلة محفوفة بالموت.
وتؤكد سناء أن الوضع في ليبيا أصبح لا يُطاق، تقول: "الوضع صار خطيراً، وهناك من يهددنا علناً بالقتل لإجبارنا على الرحيل. نحن لا نريد سوى العودة إلى بلادنا، لكن الطرق مغلقة والطيران مكلف جداً".
تضيف بأسى أن تكلفة الإقامة القانونية في ليبيا تفوق قدرة اللاجئين، إذ تصل إلى آلاف الدنانير، فيما لا تقدم المفوضية أو السفارة السودانية حلولاً ملموسة.
تقول: "نسمع عن مبادرات للعودة، لكن لا شيء منها يُنفذ فعلاً".
ورغم إدراكها المخاطر التي تحيط بطريق العودة، ترى سناء أن البقاء في ليبيا لم يعد خياراً آمناً، وأنها اليوم بين نارين: صحراء الموت أو لهيب الحرب في الوطن.
مآسٍ تتكرر في كل مخيم
لا تختلف قصة حسن، الشاب القادم من مدينة مدني، عن مأساة سناء. فبعد إصابة في ساقه جعلت حركته محدودة، وجد نفسه عالقاً في ليبيا بلا أمل حقيقي.
يقول: "حاولت السفر إلى أوروبا عبر الجزائر وتونس، لكنهم لا يحبون الأجانب هناك، وفي تونس يرحّلوننا إلى الصحراء. حاولت كثيراً ولم أنجح".
ويضيف أن مراكز الاحتجاز في ليبيا تشهد أوضاعاً كارثية، إذ يحتجز فيها العشرات في ظروف غير إنسانية.
يوضح: "يوجد أكثر من 24 شخصاً في مركز واحد، يحصلون فقط على القليل من الماء والخبز، ولا توجد مرافق صحية، والخروج يتطلب مبالغ كبيرة تصل إلى أربعة آلاف دينار".
أمل العودة يواجه العوائق
أطلقت القنصلية السودانية في بنغازي مبادرة للعودة الطوعية لمواطنيها المقيمين في ليبيا، بهدف إعادة آلاف اللاجئين إلى وطنهم بعد تحسن نسبي في الأوضاع الأمنية.
غير أن هذه المبادرة ما زالت في بداياتها، ولم تشمل إلا أعداداً محدودة، في ظل تعقيدات لوجستية وأمنية ومالية كبيرة.
وتبقى المعضلة الكبرى أن اللاجئين، بين مطرقة الحرب وسندان المنفى، يعيشون بلا ضمانات، ينتظرون بارقة أمل تُعيد إليهم حقهم في حياة آمنة وكريمة.
الأزمة السودانية
اندلعت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ما تسبب في نزوح أكثر من 14.3 مليون شخص، بينهم 11.6 مليون نازح داخلياً، وأكثر من مليوني لاجئ فروا إلى الدول المجاورة.
وتُعد ليبيا إحدى المحطات الأكثر خطراً في مسار النزوح، حيث يُجبر آلاف اللاجئين على خوض مغامرات بحرية مميتة في اتجاه أوروبا، بعدما أغلقت أمامهم أبواب العودة الآمنة.