يوم الأغذية العالمي 2025.. دعوة مفتوحة للحد من الجوع والتعاون في مواجهة الأزمات
يحتفل به في 16 أكتوبر من كل عام
في السادس عشر من أكتوبر من كل عام، يحتفل العالم بيوم الأغذية العالمي، وهو اليوم الذي يوافق تأسيس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) عام 1945.
لم يكن هذا التاريخ مجرد محطة تاريخية، بل أصبح رمزًا عالميًا للتضامن الإنساني في مواجهة الجوع وسوء التغذية، ونداءً متجددًا لبناء أنظمة غذائية عادلة ومستدامة.
منذ إقراره رسميًا في عام 1979، تحوّل يوم الأغذية العالمي إلى إحدى أكثر المناسبات حضورًا في أجندة الأمم المتحدة، إذ تُقام فعالياته في أكثر من 150 دولة وبخمسين لغة، ليكون منصة تذكّر بأن الحق في الغذاء ليس خيارًا، بل أساس من أسس الكرامة الإنسانية.
ثمانون عامًا من الفاو
يحلّ يوم الأغذية العالمي 2025 في عامٍ استثنائي، إذ تحتفل منظمة الأغذية والزراعة بالذكرى السنوية الثمانين لتأسيسها، ثمانية عقود من العمل على مكافحة الجوع، وتنمية الريف، وتعزيز الزراعة المستدامة، تُتوجها الفاو بإطلاق سلسلة فعاليات تحت عنوان FAO80، تمتد طول العام وتضم قصصًا من الميدان عن الصمود والابتكار والأمل.
وفي روما، مقر المنظمة، تفتتح الفاو متحف وشبكة الأغذية والزراعة في 16 أكتوبر، أداة تعليمية وتفاعلية تجمع بين المعرفة والعلم والفن، لتسرد قصة الزراعة والغذاء وتربط بين الماضي والمستقبل.
غذاء متوازن
يرفع يوم الأغذية العالمي 2025 شعار "يد بيد من أجل أغذية ومستقبل أفضل"، ليؤكد أن بناء مستقبل آمن غذائيًا يحتاج إلى تعاون حقيقي بين الدول والقطاعات والأجيال.
فالنظم الزراعية والغذائية تواجه تحديات غير مسبوقة بين صراعات ممتدة، وتغيرات مناخية قاسية، وصدمات اقتصادية متلاحقة، وارتفاع غير مسبوق في معدلات عدم المساواة.
ويقدّر عدد من يعانون من الجوع حول العالم بنحو 673 مليون شخص، في حين يعيش آخرون في وفرة غذائية تصاحبها معدلات سمنة مرتفعة وهدر واسع للغذاء، هذا التناقض الصارخ يُبرز الخلل العميق في توزيع الموارد، ويؤكد الحاجة إلى إصلاح شامل للأنظمة الغذائية التي باتت مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات الغازات الدفيئة، لكنها أيضًا فرصة لخفضها من خلال ممارسات إنتاج أكثر استدامة وعدلاً.
بين الزراعة والصناعة
النباتات توفّر 80% من السعرات الحرارية التي يستهلكها الإنسان، وتنتج 98% من الأكسجين الذي نتنفسه.
ومع ذلك، فإن تسعة أنواع فقط من النباتات تُشكّل 66% من إجمالي إنتاج المحاصيل في العالم، ما يكشف هشاشة التنوع الزراعي الذي يعتمد عليه الأمن الغذائي العالمي.
وفي الوقت نفسه، توفر نظم الإنتاج الحيواني نحو 15% من السعرات الحرارية، ويمكن لأنظمة أكثر استدامة أن تقلل من انبعاثات الميثان بنسبة تصل إلى 30%.
أما صغار المزارعين الذين يشكلون عصب الزراعة العالمية، فينتجون نحو ثلث غذاء العالم، في حين يوفّر صغار الصيادين 40% من الصيد العالمي، رغم ما يواجهونه من مخاطر الصيد الجائر والتلوث والتغير المناخي.
أسبوع الأغذية العالمي
خلال شهر أكتوبر، تتحول روما إلى قلب نابض للنقاش والعمل من أجل الغذاء، ففي أسبوع الأغذية العالمي، تُقام فعاليات متنوعة من المنتديات والمؤتمرات والمعارض، بمشاركة الحكومات والمنظمات والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، في حوار مفتوح حول مستقبل الأمن الغذائي العالمي.
وفي الوقت نفسه، تنظم بلدان العالم فعاليات موازية، تمتد من المدارس إلى المزارع، ومن الجامعات إلى الأسواق، ليكون يوم الأغذية العالمي حركة عالمية تُوحّد الجهود نحو نظام غذائي أكثر عدالة واستدامة.
كل شخص جزء من الحل
في يوم الأغذية العالمي، لا يُترك التغيير للمؤسسات وحدها، فكل إنسان يستطيع أن يكون جزءًا من الحل، سواء من خلال اختياراته الغذائية أو ممارساته اليومية.
ويعد الحد من الهدر الغذائي، وتبني أنماط استهلاك صحية، والإسهام في حماية التربة والمياه والتنوع البيولوجي، من الخطوات الصغيرة التي تُحدث فرقًا كبيرًا.
فالخيارات الفردية تصنع التغيير الجماعي، والأفعال اليومية البسيطة -من إعادة التدوير إلى دعم المزارعين المحليين- تُسهم في رسم ملامح مستقبل أكثر استدامة.
ولا يعد يوم الأغذية العالمي مناسبة احتفالية فقط، بل هو دعوة مفتوحة للتضامن والعمل المشترك، ففي عالم يواجه تغيرات مناخية حادة وموارد محدودة، يصبح التعاون شرطًا للبقاء، والرسالة التي تحملها الفاو هذا العام واضحة: "فلنعمل معًا من أجل غذاء أفضل وكوكب أفضل".
من المزارع الصغيرة إلى السياسات الكبرى، ومن الأفراد إلى الحكومات، يبقى الهدف واحدًا، عالم خالٍ من الجوع، يوازن بين احتياجات الإنسان وحقوق الأرض، ويمنح كل فرد على هذا الكوكب حقه في الغذاء والكرامة.