فرج العجيلي لـ"جسور بوست": وضع حقوق الإنسان في ليبيا سيئ والانتهاكات تتصاعد يومياً

الإفلات من العقاب أصبح قاعدة والانتخابات لن تنهي الأزمة

فرج العجيلي لـ"جسور بوست": وضع حقوق الإنسان في ليبيا سيئ والانتهاكات تتصاعد يومياً
المحامي والحقوقي الليبي فرج العجيلي

في ظل الانسداد السياسي الذي تعيشه ليبيا منذ سنوات، وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان على مختلف الأصعدة، يزداد الصراع في البلاد تعقيدًا، وبينما يستمر النزاع على السلطة وتستمر الانتهاكات بحق المدنيين، يبدو أن النظام القضائي والمجتمع الدولي عاجزان عن إيقاف هذه الممارسات.

وفي حوار مع «جسور بوست»، قدّم المحامي والخبير الحقوقي الليبي، فرج العجيلي، قراءة للأوضاع الراهنة في ليبيا، مشيرًا إلى تحديات حقوق الإنسان في ظل غياب سيادة القانون، وتفشي الانتهاكات في المناطق المختلفة. 

لم يقتصر تحليل العجيلي على الوضع الداخلي، بل استعرض أيضًا تأثيرات التشريعات المحلية على حقوق المهاجرين، وناقش موقف المجتمع الدولي من الأزمة الليبية. 

وأوضح العجيلي أن الوضع الحقوقي في ليبيا لا يقتصر على القضايا المتعلقة بالتحقيق في الجرائم أو محاكمة المتورطين، بل يشمل أيضًا غياب الحماية الفعالة للحقوق الأساسية للمواطنين، من الحق في الحياة والحرية إلى حرية التعبير. 

كما تناول في حديثه القضايا الإنسانية التي تهم المهاجرين غير الشرعيين، مشيرًا إلى أن هؤلاء يعانون من ظروف غير إنسانية، ويعانون من تهميش دولي في ظل فوضى الأوضاع الداخلية.

وإلى الحوار..

كيف تقيم الوضع الحالي لحقوق الإنسان في ليبيا؟

بالنسبة لي كمهتم بالشأن الحقوقي والقضايا الإنسانية أراه سؤالًا معقدًا نوعًا ما، كما أنه يضعني في زاوية الحرج لأسباب خاصة متعلقة بمواطنتي، فالمطلوب مني أن أُقيم وضعًا متعلقًا بحقوق الإنسان في بلدي، وهو مؤسف ومخجل وغير مطمئن، والإجابة تتطلب أن أكون صريحًا.
ولا أخفي أني كمواطن ليبي وفي ظل الصراع القائم والذي يعرف الجميع تفاصيله وأشكاله، ولأسباب وطنية خاصة بي، أنا مؤيد للقوات المسلحة منذ انطلاق عملية الكرامة لمواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة التي كانت تسيطر على بنغازي ومدينتي درنة ومدن أخرى في برقة. 

ليس سهلًا على شخص أن يحكي الحقيقة ويُجيب وهو مُشتت بين أمرين ويكون في هكذا حالة حيث لا يجد أمامه غير خيارين، إما أن يقول الحقيقة وهي مؤلمة، وإما تأخذه الغيرة ويُحاول تجميل الحقيقة وإنكارها كما يفعل الأب وهو يحاول أن يُخفي عوار عائلته.

كعنوان عريض نقول إن وضع حقوق الإنسان في ليبيا سيئ جدًا، ولن نتجاوز الحقيقة ولن نكون من المُفترين لو قلنا إنه سيئ للغاية، ولا يُبشّر بحالة تراجع بل بحالة ارتفاع وتمدد في الانتهاكات التي لا يمر يوم إلا بحصول انتهاكين أو ثلاثة.

ولهذا سنُقيّم الحالة الموجودة الآن من منطلق الجغرافيا التي تحدث فيها الانتهاكات، ونعتقد أن الجغرافيا هي أفضل معيار نلجأ إليه.

ماذا تعني بالتقييم من منطلق الجغرافيا؟

عندما نقول الجغرافيا فإننا نقصد برقة وطرابلس وفزان، الأقاليم الثلاثة المكونة للدولة الليبية، وبهدى ذلك، بالنسبة للجغرافيا الواقعة تحت سيطرة القوات المسلحة والبرلمان، ستجد الوضع مختلفًا وأخف حدة بنسبة كبيرة من الجغرافيا التي تقع تحت سيطرة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وهذا سيكون واضحًا لكل مهتم ومتتبع لو شخّص الوضع بموضوعية. 

فمثلًا ستجد أن انتهاكات حدثت في ظل سيطرة القوات المسلحة مثل قضية اختفاء النائب بوبكر الدرسي والنائبة سهام سرقيوة قسريًا، وهي برمتها ملفات موجودة الآن على مكتب النائب العام خاضعة للتحقيق.

وجود هذه الملفات في مكتب النائب العام مرحلة جيدة وما علينا إلا الانتظار لنسمع نتائج التحقيق. في جغرافيا سيطرة حكومة الوحدة الوطنية، الانتهاكات شبه يومية ومستمرّة ومصحوبة بالانفلات من العقاب رغم معرفة الفاعل في جل حالات الانتهاك.

ومن ناحية أخرى، هناك مساعٍ حثيثة لتحسين وضع حقوق الإنسان في ليبيا لكنها ضعيفة وشكلية وغير كافية وغير فعّالة.

أما عن الوضع الحالي فإن نسبة الانتهاكات كبيرة، وخصوصًا في إقليم طرابلس، وإذا ما أردنا أن نضع إجابة صادقة من خلال الواقع المعاش فإن الوضع بصفة عامة سيئ للغاية، ومؤشراته سلبية ومتجهة للأسوأ.

كما أن الانتهاكات التي تحدث لا تتوقف على فعل الأفراد، بل تتعدى ذلك لتجدها تُمارس من المجموعات، سواء كانت مجموعات تكون في شكل عصابات مدنية أو في شكل مجموعات مسلحة غير خاضعة لسيادة الدولة، ولكن أفرادها يتقاضون رواتبهم من الدولة ويرفعون شعاراتها الرسمية، أو مجموعات مسلحة خاضعة لسيادة الدولة ولكنها تمارس الانتهاكات.

وما أبرز التحديات التي تعرقل إعمال حقوق الإنسان في ليبيا؟

تحديات عدة، فالمقياس الذي نلجأ إليه في التقييم تتحكم فيه عدة عوامل دستورية وقانونية وإنسانية وصحية وتعليمية واقتصادية وسياسية.
ورغم وجود كم تشريعي هائل في مجمله يهدف لحماية حقوق الإنسان والحريات والمواطنة، لكنها تبقى تشريعات مجردة من قوة القانون، وعاجزة عن التأثير للحد من الانتهاكات، وهي للأسف كالحبر على الورق.

أما بالنسبة للتحديات فهي كثيرة، أولها انتشار السلاح بشكل جنوني في جغرافيات محددة في البلد الليبي. تحديات أخرى تتمثل في الغياب الكامل لسيادة الدولة والقانون، وانتشار حالة الإفلات من العقاب، حيث تجد الكثير من الحالات ارتُكبت فيها جرائم قام عليها الدليل القاطع لدرجة أن الدليل أصبح في متناول الناس من خلال وسائل التواصل، ورغم كل ذلك أصبحت الناس ترى المجرم الذي ثبت عليه الانتهاك حرًّا طليقًا، بل ما زلنا نراه يمارس مهامه الوظيفية والأمنية وكأن شيئًا لم يحدث، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تُعد ولا تُحصى.

تحدٍ آخر يتمثل في غياب تأثير السلطة القضائية، فهذه السلطة نجد أن أحكامها كذلك مُعطّلة ولا توجد قوة قادرة على إنفاذ القانون.

تعاني ليبيا من وجود أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين، كيف ترى وضعهم في ظل الظروف الحالية؟

سؤال مهم، خاصة في ظل تعقيدات الوضع الإنساني والسياسي في ليبيا، حيث تتشابك عدة عوامل لتقييم الوضع الحالي للمهاجرين في ليبيا، وهو وضع من حيث المبدأ معقد وصعب من نواحٍ عدة. فمن حيث الوضع الإنساني، القادمون إلى ليبيا كمهاجرين هم بشر أغلبهم قادم من دول إفريقية فقيرة وتعاني من نزاعات وأوضاع حقوق الإنسان فيها سيئة ومخيفة. 

سبب الهجرة عادة ما يكون اقتصاديًا بحثًا عن مصادر للعيش، أو أنهم يعتبرون أن ليبيا طريق لأوروبا، وكلهم بمجرد الوصول يكونون تحت طائلة القانون الليبي وتحديدًا القانون رقم 19.

كثير من المهاجرين الوافدين إلى ليبيا يأتون من دول إفريقية فقيرة أو تعاني من نزاعات، بحثًا عن فرصة عمل أو طريق نحو أوروبا، لكنهم غالبًا يواجهون ظروفًا قاسية من سوء معاملة، احتجاز، نقص في الغذاء والرعاية الصحية، وأحيانًا استغلال من قبل شبكات التهريب أو بعض الجهات المسلحة. 

ومن حيث الجانب الأمني ما زالت ليبيا تعاني من حالة انقسام سياسي وصراع بين سلطات متنافسة غير متفقة، وهذا يجعل من الصعب تنظيم وضبط الحدود وإدارة مراكز الاحتجاز بسلطة موحدة، هذا الانقسام يخلق بيئة غير مستقرة مؤثرة بشكل سلبي على حال المهاجرين ويزيد من هشاشة وضعهم القانوني والإنساني.

على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فإنه مع الضغوط الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ينظر بعض الليبيين إلى المهاجرين كعبء إضافي على الخدمات العامة وسوق العمل، بينما يعتمد آخرون على عملهم في مجالات البناء والزراعة والخدمات.. هذه العلاقة المتناقضة تخلق توترات اجتماعية في بعض المناطق تؤدي بطبيعتها إلى حدوث الانتهاكات وارتفاع وتيرتها وحدتها.

باختصار، يمكن القول إن وضع المهاجرين في ليبيا اليوم يتطلب معالجة شاملة تشمل الجوانب الأمنية والقانونية والإنسانية، مع دعم دولي حقيقي لتحسين ظروفهم وحماية حقوقهم.

وكيف تتعامل السلطات الليبية مع المهاجرين، خاصة في ظل غياب حكومة موحدة أو مؤسسة أمنية واحدة؟

القانون رقم 19 لسنة 2010 بشأن الهجرة غير الشرعية به شبهة واضحة بعدم دستوريته، ولو طُعن فيه دستوريًا فإنه يُرجح معه القضاء بعدم دستوريته لعدة أسباب.
بشكل أو بآخر، توجد شبهة بعدم دستورية هذا القانون لمخالفته للإعلان الدستوري لسنة 2011 وكذلك مخالفته لاتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حول اللاجئين الموقعة عليها ليبيا والملتزمة ببنودها، وكذلك معاهدة مناهضة التعذيب الملتزمة بها ليبيا، وكذلك لاتفاقيات حماية حقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية التي صادقت الدولة الليبية عليها والتزمت وتعهدت باحترام أحكامها.

وينطوي قانون الهجرة على نظرة وتصور دوني وسلبي إلى درجة كبيرة جعلت من هذا القانون محل نقد محلي ودولي لأنه جاء مخالفًا لتشريعات أعلى منه درجة، مثلا من حيث مخالفته لنص المادة 7 من الإعلان الدستوري المؤقت والتي تنص على:
تصون الدولة حقوق الإنسان الأساسية وتسعى إلى الانضمام للإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية التي تحمي هذه الحقوق والحريات، وتعمل على إصدار مواثيق جديدة تُكرّم الإنسان كخليفة الله في الأرض.

ويخالف القانون رقم 19 هذا النص الدستوري في مسألة تعامله مع المهاجر غير النظامي بشكل سلبي وتجريمي وغير إنساني إلى درجة إنزال عقوبة سالبة للحرية، ويتم إبعاده بعد تنفيذها أو يُرحل دون محاكمة، وهذا أمر من حيث المبدأ يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية التي وضعها الإعلان الدستوري في مكانة خاصة في مادته الأولى واعتبرها المصدر الرئيسي للتشريع الذي لا يسمح بمخالفته.

هذا القانون يتنافى مع الاعتبارات الإنسانية التي تنظر للمهاجر غير النظامي بأنه ليس مجرمًا أو معتديًا، بل هو إنسان له حقوق، والنص الدستوري في المادة السابعة واضح حرصه على إظهار الدولة الليبية كدولة راعية لحقوق الإنسان وأن لديها رغبة في تطوير تشريعاتها بحيث تكون داعمة للحريات وحقوق الإنسان، ولهذا فإن صدور تشريع يكسر نصًا دستوريًا ويكسر تعهدات الدولة الليبية في مجال حقوق الإنسان، وهذه نقطة ضد وليست مع.

كما أن القانون رقم 19 لا يُميز بين البالغ والقاصر، ولا يضع أي إجراءات تحمي الأطفال وتهتم بالمرأة والطفل والشيوخ والأشخاص ذوي الإعاقة، ويُجرم بالجملة ويضع المهاجرين في سلة واحدة دون استثناء أو تمييز إيجابي، ومجمل هذه الانتقادات التي تنال من القانون رقم 19 كفيلة بتحديد أن الإجابة عن السؤال تؤكد أنه لا توجد استراتيجية موحدة وطنيًا للتعامل مع قضية الهجرة.

وكيف تُقيم مواقف الاتحاد الأوروبي والوكالات الدولية تجاه المهاجرين في ليبيا؟

هناك اهتمام دولي متزايد بوضع المهاجرين في ليبيا، خصوصًا من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الإنسانية، لكن الجهود الحالية ما زالت محدودة مقارنة بحجم المشكلة، وغالبًا تركز على الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا أكثر من تحسين أوضاعهم داخل ليبيا.
باختصار، أوروبا جادة في قطع الطريق على المهاجرين للوصول إليها، وتعمل على أن يستقر المهاجرون في إفريقيا، وبغض النظر أين سيكونون، وأفضل مكان تراه أوروبا لبقاء المهاجرين هو ليبيا.

الانسداد السياسي في ليبيا مستمر منذ سنوات.. برأيك ما الأسباب الرئيسية لهذا الانسداد؟

باختصار أقول لك، وهذه وجهة نظري والتي قد لا يتفق معي البعض، هو الصراع على السلطة والثروة بين إقليم برقة وإقليم طرابلس، صراع بين الشرق والغرب، بين إقليم متمسك بمركزيته المطلقة ولا يريد أن يتنازل عنها (طرابلس)، وبين إقليم متمسك بحقوقه التي يراها مسلوبة منه (برقة) ولا يريد أن يتنازل عنها هو كذلك. وهذه الحالة قد لا تكون واضحة للبعض المتابع من بعيد، لكنها حقيقة يلمسها من يعيش الواقع.

وهل يمكن أن يلعب المجتمع المدني في ليبيا دورًا في عملية إيجاد حل سياسي؟

لا يوجد مجتمع مدني فعّال في ليبيا حتى يُحدث التأثير، وفاقد الشيء لا يعطيه.

في تقديرك، متى يمكن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تنهي الانقسام السياسي في ليبيا؟

لن ينتهي الانقسام السياسي في ليبيا بإجراء انتخابات، فالانتخابات لن تستطيع حل الأزمة، شيء واحد ينهي كل ذلك وهو حسم شكل الدولة، وأنا شخصيًا من مؤيدي الحل الفيدرالي الاتحادي، فليبيا دولة مركبة من ثلاث أقاليم، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا من أراد الهروب من الحقيقة.

وهل ستكون الانتخابات المقبلة خطوة حاسمة للخروج من الأزمة؟

بكل تأكيد لن تكون خطوة حاسمة، بل خطوة تجعل من الأزمة مستمرة ولكن بوجوه أخرى جديدة.

 

في رأيك، ما التحديات الأساسية التي تواجه عملية العدالة الانتقالية في ليبيا؟

العدالة الانتقالية مشروع وطني، والتاريخ الإنساني مليء بتجارب العدالة الانتقالية، وقد أنتج كل شعب عدالته الخاصة به المتفقة مع وضعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني، أما عن التحديات فأولها غياب الفهم السليم لمفهوم العدالة الانتقالية وخلطها بمفهوم المصالحة الوطنية.

وهل يمكن تطبيق العدالة الانتقالية في الوضع الحالي؟

المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية… يخلط البعض بين مفهومين قريبين لبعضهما لدرجة أن الخلط يمكن تبريره لشدة التشابه بين المفهومين.
العدالة الانتقالية هي عملية قضائية قانونية محكومة بقواعد وأحكام صادرة بموجب قوانين تُعرف بأنها قوانين أساسية، وتسير وفق منظومة إجرائية محددة قانونًا، وتُمنح للقائمين عليها سلطات قضائية من تحقيق واتهام وإحالة ومحاكمة.
أما المصالحة الوطنية فهي عمل أساسه اجتماعي في المقام الأول، مرجعيته أخلاقية وقد تكون دينية في المجتمعات المتدينة، كما أنها قد تكون تاريخية، وفي جميع الأحوال هي جزء من العمل السياسي وتأخذ أحد أشكاله.
وهناك فارق آخر يتعلق بالزمن، العدالة الانتقالية عادة ما تتعامل مع الماضي من خلال مدة زمنية محددة قانونًا، أما المصالحة الوطنية فهي عمل هدفه المستقبل، ولا يحكمها زمن محدد قانونًا بشكل مسبق، بل تحكمها مدد تتحكم في تقديرها معايير أخرى، في العادة لها علاقة بالأعراف والتقاليد والمنطق وطبيعة المجتمع الساعي في المصالحة.
وفي الغياب التام لهذه المفاهيم بخصوص العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، فإن تطبيقهما في ظل هذا الغياب سيكون عملًا عبثيًا لن يُنتج الآثار والأهداف المرجوة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية