فيلم “حرية الحقول”.. صرخة نساء ليبيات في وجه القيود الاجتماعية
فيلم “حرية الحقول”.. صرخة نساء ليبيات في وجه القيود الاجتماعية
أشعل عرض الفيلم الوثائقي “حرية الحقول” للمخرجة الليبية نزيهة عربي مساء الأربعاء، بمؤسسة “دار بلارج” في المدينة العتيقة بمراكش، نقاشًا واسعًا حول حرية النساء في الفضاء الرياضي، وخصوصًا في مجال كرة القدم، باعتبارها رمزًا للمساواة ووسيلة للتعبير عن الذات في مجتمعات ما زالت تنظر بعين الريبة إلى طموحات النساء.
وسلّط الفيلم الضوء على مرحلة ما بعد سقوط نظام معمر القذافي، حين دخلت ليبيا في دوامة من الانقسامات والصراعات المسلحة، غير أن وسط هذا المشهد القاتم، خرجت مجموعة من الفتيات بشجاعة نادرة لتعلن تمردها على واقع الإقصاء الاجتماعي، وتطالب بحقها في اللعب، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الخميس.
وركّزت المخرجة على ثلاث فتيات جسّدن روح التحدي، متحديات سلطة المجتمع الذكوري وضغوط التيارات المتشددة التي اعتبرت كرة القدم “رجالية بامتياز”، وبرغم التضييق والمنع، استطعن عبر عزيمتهن المشاركة في بطولة عربية بلبنان، في مشهد يجمع بين المغامرة والإصرار على تحقيق الذات.
وجسّد الفيلم رحلة تحرر حقيقية، ليس فقط من القيود الدينية والاجتماعية، بل من الخوف نفسه. تقول إحدى اللاعبات في مشهد مؤثر: “كلما جريت داخل الملعب، كسرت حاجز الخوف”، وهي جملة تحولت إلى شعار للحرية في مواجهة من حاولوا طمس وجود النساء من الحياة العامة.
.jpg)
الأحلام المسموح بها
نظّمت مؤسسة دار بلارج هذا العرض ضمن دورتها السينمائية حول “الأحلام المسموح بها”، وهي مبادرة ثقافية تهدف إلى مناقشة الأدوار الاجتماعية للنساء في المجتمعات العربية من خلال الفن السابع.
وأوضحت منسقة الدورة، سارة مونية كشيري، أن الفيلم يدخل ضمن برنامج يُعنى بالمساواة بين الجنسين ويعرض تجارب نساء يكسرن الحواجز التي تفرضها الأعراف، مشيرةً إلى أن العرض يأتي بعد أفلام أخرى ناقشت قضايا مثل الأمهات العازبات في المغرب، وأحلام الشباب وعلاقاتهم الاجتماعية.
واعتبرت أن “حرية الحقول” لا يسلط الضوء على كرة القدم فحسب، بل يكشف عن معركة واسعة من أجل الحق في الحلم.
تجارب على خطى الليبيات
تحدثت خلال الندوة لاعبتان من نادي فينيكس المراكشي لكرة القدم النسوية، راوية بلمقدم وفاتحة فاتح، حيث عبّرتا عن معاناتهما في بداية المشوار واصطدامهما بنظرة المجتمع الذكوري الذي لا يزال ينظر لكرة القدم النسوية باعتبارها “فضولاً نسائياً” في ملعب الرجال.
وروت الحارسة راوية بلمقدم كيف واجهت رفض والدها المطلق لممارستها هذه الرياضة، قبل أن تتحول تجربتها إلى قصة نجاح دفعت عائلتها لتغيير موقفها، مؤكدة أن “كرة القدم النسوية ليست ترفًا، بل إثبات لقدرة النساء على اقتحام أي مجال يردنه”.
وأشارت فاتحة فاتح إلى التغير الكبير في العقليات بعد المشاركة التاريخية للمنتخب المغربي النسوي في بطولة كأس العالم، حيث بدأ الآباء يشجعون بناتهم على الاحتراف، معتبرةً أن ما يحدث اليوم هو “ثورة هادئة تقودها النساء من داخل الملاعب”.
رسالة الفيلم إلى العالم العربي
يُجسد فيلم حرية الحقول أكثر من مجرد حكاية عن الرياضة؛ إنه شهادة على شجاعة النساء العربيات في مواجهة أنظمة اجتماعية ودينية خانقة، فبين بنغازي ومراكش، تمتد خيوط نضال طويل تشترك فيه نساء العالم العربي من أجل كسر الصورة النمطية التي تضع الجسد الأنثوي تحت الوصاية وتربط حريته بالعار.
وتحوّل الفيلم إلى مرآة تعكس حجم المعركة اليومية التي تخوضها النساء لاستعادة حق بسيط: أن يركضن بحرية في الحقول، وفي الحياة أيضًا.
تعيد هذه التجارب طرح سؤال جوهري.. لماذا لا تزال كرة القدم النسوية تواجه التهميش رغم حضورها المتزايد في العالم؟
ففي السنوات الأخيرة، شهدت المنتخبات النسوية في المغرب ومصر وتونس طفرة نوعية، وبدأت الأندية الأوروبية والعربية تستقطب لاعبات من المنطقة، إلا أن الاعتراف الاجتماعي لا يزال بطيئًا.
وتوضح التجارب أن كل هدف تُسجله لاعبة عربية في الملعب هو بمنزلة انتصار على الخوف، وتأكيد أن التغيير يبدأ بخطوة، أو بركلة نحو الحلم.










