أزمة بيئية في إيران.. مذكرة تفاهم تمهّد لتدمير 60 هكتاراً من الغابات

أزمة بيئية في إيران.. مذكرة تفاهم تمهّد لتدمير 60 هكتاراً من الغابات
غابات في إيران - أرشيف

أشعل توقيع مذكرة تفاهم جديدة في مدينة مازندران الإيرانية غضباً واسعاً بين النشطاء البيئيين بعد الكشف عن مشروع من شأنه أن يؤدي إلى تدمير 60 هكتاراً من الغابات وحقول الأرز، في منطقة تعاني أصلاً من أزمة نفايات خانقة وهجرة غير منضبطة وتآكل بيئي متسارع. 

ووفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء "شرق"، الأربعاء، فإن ما جرى يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين البيئية ويكشف عن شبكة من الفساد الإداري والسياسي الذي يقف وراء تحويل الأراضي الزراعية إلى مشاريع عقارية فاخرة.

وأكدت الوكالة أن مسؤولي منظمة إدارة النفايات في مازندران، بدعم مباشر من المحافظ ومسؤولين قضائيين، منحوا بشكل غير قانوني ترخيصاً لتغيير استخدام أكثر من 60 هكتاراً من الأراضي الزراعية والغابات إلى مناطق سكنية وفيلات، بذريعة "زيادة الهجرة إلى المحافظة".

إدارة نفايات عدة

وفق التقرير، تم توقيع مذكرة تفاهم بين المنظمة وشركة خاصة تُدعى "آبادكستر مهركان"، تتيح للأخيرة إدارة نفايات عدة مدن مقابل ضم أراضٍ زراعية وغابية إلى نطاق أربع قرى هي: كاسكرمحله، كردمحله، خرم‌آباد في مدينة نور، وديسر في رامسر، تمهيداً لبدء عمليات بناء واسعة النطاق في تلك المناطق.

ورغم أن هذا الإجراء يخالف تماماً قانون حماية الأراضي الزراعية، فإنه حظي بموافقة رسمية من المحافظ والنائب العام ورئيس السلطة القضائية في المحافظة، ما فتح الباب أمام تحويل هذه الأراضي الخصبة إلى منتجعات ومنازل فاخرة تخدم مصالح طبقة محدودة من الأثرياء والمستثمرين غير المحليين.

كشفت وكالة "شرق"، أن الجهات الرسمية استخدمت "حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل"، إضافة إلى زيادة موجات الهجرة الداخلية، ذريعة لتوسيع القرى بحجة تلبية الحاجة إلى مساكن جديدة. 

لكن المذكرة، بحسب الوكالة، لم تكن سوى غطاء قانوني زائف لتغيير استخدام الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مشاريع عقارية مربحة، في مخالفة مباشرة للقانون الإيراني الذي يمنع هذا النوع من التعدي إلا بقرار من لجنة مختصة في وزارة الزراعة.

ويرى خبراء بيئيون أن ما يحدث في مازندران يمثل نموذجاً لما يسمونه "الخصخصة المقنّعة للطبيعة"، حيث يتم استغلال الأزمات لتبرير مشاريع تدر أرباحاً طائلة لمسؤولين نافذين وشركات خاصة، في حين يدفع السكان المحليون الثمن من أراضيهم وأرزاقهم وبيئتهم.

توقيع جماعي على الفساد

يشير التقرير إلى أن محضر اجتماع بتاريخ 6 سبتمبر 2025، وُقّع من قبل المحافظ ورئيس السلطة القضائية والنائب العام ومديري الإدارات، لا يستند إلى أي أساس قانوني، إذ إن صلاحية تغيير استخدام الأراضي تعود إلى لجنة المادة الأولى من قانون الحفاظ على الأراضي الزراعية، وليس إلى المحافظ أو إدارة النفايات.

وبهذا التوقيع الجماعي، تم شرعنة مشروع قد يؤدي إلى تدمير ممنهج لعشرات الهكتارات من الغابات الهيركانية، وهي غابات يعود عمرها إلى نحو 50 مليون عام وتُعد من أقدم النظم البيئية في العالم، والمسجلة على قائمة التراث الطبيعي العالمي لليونسكو.

ويرى خبراء أن هذا المشروع لا علاقة له بإدارة النفايات الفعلية، بل يخدم مصالح الطبقة المرفهة ومسؤولي الجمهورية الإسلامية، حيث يتم تدريجياً تهميش المزارعين الأصليين لصالح المستثمرين غير المحليين الذين يشترون الأراضي بأسعار زهيدة، ثم يحولونها إلى فيلات فاخرة.

ويؤكد ناشطون أن هذه السياسات أدت إلى تدمير الهوية الزراعية لشمال إيران، وتحويل القرى الخضراء إلى تجمعات إسمنتية مغلقة للأثرياء، في حين يعاني السكان الأصليون من التضخم وأزمة المياه ونقص الأراضي الزراعية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية