حين تختنق الطبيعة.. غابات أستراليا الاستوائية تبدأ بإطلاق الكربون بدل امتصاصه
حين تختنق الطبيعة.. غابات أستراليا الاستوائية تبدأ بإطلاق الكربون بدل امتصاصه
كشفت دراسة علمية حديثة عن تحول خطر يهدد واحدة من أكثر النظم البيئية حيوية على كوكب الأرض، فقد أظهرت نتائج بحث امتد لنحو نصف قرن أن الغابات المطيرة في ولاية كوينزلاند الأسترالية بدأت تُطلق كربوناً في الغلاف الجوي أكثر مما تمتصه، لتصبح مصدراً صافياً للانبعاثات بدلاً من كونها مخزوناً طبيعياً لها.
وأجرت الدراسةَ فرقٌ بحثية من أستراليا واسكتلندا وفرنسا، حيث حللت بيانات تغطي 49 عاماً من المراقبة في 20 موقعاً مختلفاً، شملت ما يقارب 11 ألف شجرة، وأوضحت النتائج أن موجات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة المتكرر، تسببت في زيادة معدل موت الأشجار بشكل غير مسبوق منذ بداية الألفية الجديدة وفق وكالة الأنباء الألمانية.
صمت الطبيعة يتسع
تقول الباحثة هانا كارل التي قادت الفريق العلمي، إن الغابات الاستوائية تعد من أكبر خزانات الكربون على الأرض، مشيرة إلى أن العالم يعتمد عليها دون أن يدرك ذلك بما يكفي.
وتضيف أن فقدان هذه الغابات لقدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون يعني أن أحد أهم خطوط الدفاع الطبيعية ضد التغير المناخي بات مهدداً بالانهيار.
كارل أوضحت أن التغير المناخي هو العامل الرئيسي وراء ارتفاع معدلات موت الأشجار، وأن الخطر لا يكمن فقط في تزايد الانبعاثات الناتجة، بل أيضاً في غياب التعويض الطبيعي عبر نمو أشجار جديدة.
وقالت: "النماذج المناخية الحالية قد تبالغ في تقدير قدرة الغابات الاستوائية على امتصاص الكربون في المستقبل، وهذا ما يدق ناقوس الخطر أمام العالم بأسره".
دعوة عاجلة لإنقاذ الغابات
من جهته، حذر الباحث المشارك ديفيد بومان من أن نتائج الدراسة تمثل تحذيراً واضحاً بشأن مستقبل الغابات المطيرة في أستراليا التي وصفها بأنها "لا يمكن تعويضها"، ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الانبعاثات الصناعية، حتى تتمكن هذه الغابات من مواصلة دورها في إبطاء وتيرة الاحترار العالمي.
وقال بومان إن “الأشجار تموت بصمت، لكن آثار هذا الصمت تُسمع في كل مكان، من ارتفاع درجات الحرارة إلى موجات الجفاف والحرائق التي تطول الكوكب”.
تعد الغابات المطيرة الاستوائية أحد أهم العناصر التي تنظم مناخ الأرض، إذ تمتص ما يقارب ربع الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري سنوياً، غير أن السنوات الأخيرة شهدت تغيراً مقلقاً في هذا التوازن، حيث بدأت مناطق واسعة من الأمازون وجنوب شرق آسيا وإفريقيا تظهر مؤشرات مشابهة على فقدان قدرتها على تخزين الكربون.
ويحذر العلماء من أن استمرار هذا الاتجاه يعني دخول الأرض في حلقة مفرغة من الاحترار المتسارع، إذ يؤدي ارتفاع الحرارة إلى موت الأشجار، ما يزيد الانبعاثات، وبالتالي يفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد مستقبل الأجيال القادمة.