نزوح متصاعد ومجاعة وشيكة.. دارفور تواجه انهياراً إنسانياً غير مسبوق
نزوح متصاعد ومجاعة وشيكة.. دارفور تواجه انهياراً إنسانياً غير مسبوق
تتواصل موجات النزوح في السودان بوتيرة متسارعة مع احتدام القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت تتزايد فيه التحذيرات الدولية من انهيار شامل في منظومة الأمن الغذائي وتفاقم الأزمة الإنسانية، خصوصاً في إقليم دارفور الذي يشهد واحدة من أكثر الكوارث البشرية حدة منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة، في بيان أمس الأربعاء، بأن أكثر من ألف شخص فرّوا من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة بولاية شمال دارفور خلال يومين فقط، في أحدث موجة نزوح تشهدها المنطقة المضطربة.
وأوضحت أن القصف المدفعي العنيف الذي نفذته قوات الدعم السريع أسفر عن مقتل ثلاثة أفراد من أسرة واحدة، مرجحةً أن الأعداد الفعلية للنازحين تتجاوز ما تم تسجيله رسمياً بسبب صعوبة الوصول إلى بعض المناطق المنكوبة.
نزوح متجدد ومناشدات
ورصدت المنظمة خلال الأسبوع الماضي فقط نزوح 3 آلاف شخص من شمال دارفور، بينهم 1500 من مدينة الفاشر التي تعاني حصاراً خانقاً منذ شهور، و1500 من منطقة أبو قمرة التي شهدت تجدد الاشتباكات مؤخراً.
وسبق أن أعلنت المنظمة نزوح 1510 أشخاص من الفاشر بين 15 و19 أكتوبر الجاري، ما يعكس تسارعاً مقلقاً في وتيرة الهروب الجماعي نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية.
وفي ظل تردي الظروف المعيشية، أطلقت لجان مقاومة الفاشر ما وصفته بـ"النداء الأخير" لمواجهة المجاعة التي تضرب المدينة، محذّرة من أن حالات الوفاة بسبب الجوع أصبحت مشهداً مألوفاً.
وأكدت اللجان أن الأسواق شبه خالية من المواد الغذائية الأساسية، وأن أسعار القليل المتبقي منها تجاوزت قدرة معظم السكان، ما أدى إلى انتشار مظاهر اليأس والانهيار الاجتماعي.
تحذيرات من تفاقم المأساة
وحذّر المتحدث باسم الأمم المتحدة من أن تصاعد القتال في ولايتي شمال وغرب دارفور يهدد بانهيار إنساني واسع النطاق، مشيراً إلى تقارير ميدانية تتحدث عن استخدام الطائرات المسيّرة في تنفيذ غارات ضد أهداف مدنية.
وأوضح أن إحدى تلك الغارات استهدفت السوق الرئيسي في مدينة سرف عمرة شمال دارفور، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن سبعة مدنيين، فيما شهدت مدينة الجنينة هجمات أخرى أوقعت ضحايا لم تُعرف أعدادهم بعد.
وأكد أن هذه التطورات تأتي في إطار تصعيد عسكري متواصل يفاقم معاناة السكان، ويؤدي إلى نزوح جماعي جديد في مناطق باتت شبه خالية من الخدمات الإنسانية والطبية.
أزمة إنسانية متصاعدة
بيّنت تقارير المنظمات الإنسانية أن المدنيين يواجهون تهديدات متزايدة تدفعهم إلى النزوح من منازلهم في ظروف قاسية. وأشارت إلى أن موجات النزوح الجديدة تُضاف إلى أكثر من 12 مليون نازح داخل السودان منذ اندلاع الحرب، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد.
ويعاني معظم الفارين من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية، وسط عجز تام للسلطات المحلية والمنظمات الإنسانية عن الوصول إلى المناطق المتضررة.
وفي ظل هذا الانهيار الشامل، حذّرت الأمم المتحدة من أن سوء التغذية والمجاعة الوشيكة باتا يهددان حياة مئات الآلاف من الأطفال في دارفور، مؤكدة أن استمرار الحصار والقتال سيحوّل الأزمة إلى كارثة بشرية تفوق التوقعات.
دعوات للتحرك الدولي
دعت المنظمات الأممية والإنسانية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل للضغط من أجل وقف القتال وفتح الممرات الإنسانية، مشددة على أن السودان يقف على حافة مجاعة كارثية إذا استمرت العمليات العسكرية الحالية.
وطالبت بتأمين وصول المساعدات إلى المدنيين، وضمان حماية النازحين في المخيمات التي باتت مكتظة وتفتقر لأبسط مقومات الحياة.
وبينما يواصل المدنيون في دارفور نزوحهم بحثاً عن الأمان، تتزايد المخاوف من أن تتحول المنطقة إلى بؤرة إنسانية مغلقة، يعيش سكانها في عزلة تامة بين رعب الحرب وغياب الغذاء، في واحدة من أسوأ الأزمات التي يشهدها السودان منذ عقود.










