مذكرين بـ"مجاعة الزجاج".. خبراء يحذرون من هشاشة الأمن الصناعي البريطاني
مذكرين بـ"مجاعة الزجاج".. خبراء يحذرون من هشاشة الأمن الصناعي البريطاني
كشفت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، أن ما عُرف تاريخياً باسم "مجاعة الزجاج" عام 1915 يُعد مثالاً صارخاً على كيف يمكن لنقص مادة واحدة أن يُهدد الأمن القومي لدولة بأكملها.
وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير نشرته بعددها الأسبوعي، اليوم الأحد، إنه في خضم الحرب العالمية الأولى، واجهت بريطانيا خطر نفاد الزجاج البصري المستخدم في المناظير وأجهزة القنص والتلسكوبات، وهو عنصر أساسي في المجهود الحربي آنذاك.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة البريطانية اضطرت في ذلك الوقت إلى التفاوض سراً عبر سويسرا مع ألمانيا – العدو اللدود – باعتبارها المزود العالمي الرئيس لتلك المادة، في وقت كانت فيه برلين نفسها تعاني من نقص حاد في المطاط اللازم للإطارات.
وانتهت الأزمة باتفاق استثنائي يقضي بتبادل المطاط مقابل الزجاج، في واحدة من أكثر الصفقات غرابة في تاريخ الحروب الحديثة.
تحذيرات من تكرار الأزمة
أشار الخبير الاقتصادي فهين خان من الهيئة التمثيلية الرسمية لقطاع التصنيع والصناعة البريطانية "ميك يو كيه" (Make UK) إلى أن هذه القصة القديمة تحمل درساً عميقاً لا يزال صالحاً حتى اليوم، مشدداً على أن بريطانيا قد تجد نفسها مجدداً في مأزق مماثل إذا لم تتحرك بسرعة لحماية قدراتها الإنتاجية.
وقال خان في تصريحاته للصحيفة: "علينا أن نفكر بما يتجاوز القيمة الاقتصادية البحتة، فالأمر يتعلق بالأمن الصناعي والقدرة على الصمود. ماذا يعني أن نفقد القدرة على تصنيع احتياجاتنا الأساسية داخل البلاد؟"
وأضاف الخبير البريطاني أن جائحة كوفيد-19 كانت مثالاً حديثاً على هشاشة سلاسل الإمداد البريطانية، إذ واجهت البلاد حينها نقصاً حاداً في المعقمات والمعدات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي بسبب اعتمادها الكبير على الواردات.
وأكد خان أن الاكتفاء الذاتي في بعض الصناعات الحيوية يجب أن يكون أولوية وطنية، معتبراً أن التاريخ يعيد نفسه عندما تتجاهل الدول أهمية تصنيع موادها الإستراتيجية داخلياً.
دروس الماضي للحاضر
اختتمت “الأوبزرفر” تقريرها بالتأكيد على أن أزمة الزجاج عام 1915 تمثل تحذيراً مبكراً من مخاطر العولمة المفرطة والاعتماد على سلاسل التوريد الخارجية، وأن العالم الحديث، رغم تقدمه التكنولوجي، لا يزال عرضة للشلل إذا انقطع مورد واحد حيوي.
وفي زمن تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية، وتُهدد الحروب التجارية سلاسل الإمداد، يبدو أن الدرس القديم من "مجاعة الزجاج" ما زال أكثر راهنية من أي وقت مضى.










