لاجئون عالقون وأسر ممزقة.. ألمانيا تمدّد تجميد لمّ الشمل وسط انتقادات حقوقية
لاجئون عالقون وأسر ممزقة.. ألمانيا تمدّد تجميد لمّ الشمل وسط انتقادات حقوقية
علّقت الحكومة الألمانية منذ أكثر من ثلاثة أشهر لمّ الشمل العائلي للأشخاص الحاصلين على ما يُعرف بـ"الحماية الثانوية"، في خطوة وصفتها بأنها "إجراء ضروري لتخفيف الضغط على أنظمة الاستقبال والاندماج"، غير أن هذا القرار ترك مئات الأسر المشتتة بين المخيمات والحدود في انتظار لمّ شمل قد لا يتحقق قريبًا.
وقالت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الثلاثاء، أن الحكومة لم تصدر حتى الآن أي تأشيرة دخول ضمن آلية الحالات الإنسانية الصعبة (Härtefallregelung)، رغم مرور أكثر من 90 يومًا على بدء تنفيذ القرار في 24 يوليو الماضي.
وجاء ذلك في رد رسمي على سؤال برلماني تقدّمت به النائبة اليسارية كلارا بونغر، التي وصفت الوضع بـ"المأساوي وغير الإنساني".
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن وزارة الخارجية الألمانية تدرس حاليًا ملفات نحو 1500 طلب للاعتراف كحالة إنسانية صعبة، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM).
لكن حتى اللحظة، لم يُمنح أي تصريح دخول، في ظل ما وصفته مصادر برلمانية بـ"صرامة مفرطة" في توجيهات الوزارة، ما يجعل الاستثناءات شبه مستحيلة التطبيق.
قيود ومعاناة متزايدة
وأوضحت الحكومة في ردّها أن القرار يستند إلى قانون الإقامة الألماني وإلى اعتبارات تتعلق بتخفيف الضغط عن نظام الاستقبال المجهد أساسًا بتدفق اللاجئين من مناطق النزاع، لا سيما من سوريا وأفغانستان وأوكرانيا.
وتُستثنى فقط الحالات التي يُصنّفها القانون "إنسانية صعبة"، مثل الأطفال القاصرين أو الآباء الذين يعيش أبناؤهم في ألمانيا دون مرافقة.
غير أن الواقع الميداني يعكس صورة مغايرة، فوفق ما نقلته النائبة كلارا بونغر، "التوجيهات الحالية تجعل لمّ الشمل شبه مستحيل".
وأكدت بونغر، أن الحكومة "تفصل الأسر اللاجئة عن بعضها البعض دون مبرر إنساني أو قانوني واضح"، معتبرة أن هذه السياسة تمثل "تراجعًا خطيرًا عن القيم التي تتغنّى بها ألمانيا حول حقوق الإنسان".
انتقادات حقوقية واتهامات بالتمييز
انتقدت منظمات حقوقية القرار بشدة، معتبرة أنه يعمّق الانقسام داخل الأسر اللاجئة ويضاعف معاناتها النفسية والاجتماعية، إذ يعيش آلاف الأزواج والأطفال في دول مختلفة منذ سنوات بانتظار لمّ شمل يزداد تعقيدًا.
وأشار نشطاء إلى أن الحكومة الألمانية تتذرع بتخفيف الضغط على البنى التحتية، في حين أن عدد اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية الذين يُسمح بلمّ شملهم محدود جدًا ولا يشكل عبئًا فعليًا على النظام.
وقبل قرار التعليق الأخير، كانت ألمانيا تسمح بلمّ شمل نحو ألف شخص شهريًا ضمن هذه الفئة، لكن القرار الجديد جمّد العملية لعامين كاملين، مع استثناءات نادرة لا تتجاوز الحالات الإنسانية القصوى.
مستقبل غامض وحلم مؤجل
يرى محللون أن القرار يعكس توجّهًا حكوميًا نحو تشديد سياسات اللجوء في ألمانيا، خصوصًا في ظل تصاعد الخطاب الشعبوي والضغوط السياسية من أحزاب اليمين المتطرف.
ويخشى حقوقيون أن يتحول هذا التعليق المؤقت إلى تجميد دائم يطيل معاناة آلاف الأسر.
وفي ظل هذا الجمود، تواصل العائلات اللاجئة انتظارها وسط قلق دائم ورسائل متبادلة عبر الحدود، في حين تبقى الإجراءات البيروقراطية والسياسات المتشددة حائلًا دون تحقيق أبسط أمانيهم؛ اللقاء مجددًا كعائلة واحدة.











