دعماً لحقوق المهاجرين.. محكمة ألمانية تمنع احتجاز المهاجرين دون قرار قضائي

دعماً لحقوق المهاجرين.. محكمة ألمانية تمنع احتجاز المهاجرين دون قرار قضائي
الترحيل إلى سوريا - صورة تعبيرية

في تطوّر قانوني وحقوقي، وجّهت المحكمة الدستورية الفيدرالية في ألمانيا ضربة قوية للسلطات المسؤولة عن شؤون الأجانب، بعد سنوات من الجدل والانتقادات حول قانونية احتجاز المهاجرين تمهيدًا لترحيلهم. 

ويُعيد القرار الجديد التأكيد على مكانة القضاء كحارس للحريات الفردية، ويُرسّخ مبدأ "لا توقيف دون قاضٍ"، في خطوة اعتبرها خبراء القانون انتصارًا واضحًا لدولة المؤسسات والحقوق الأساسية في ألمانيا.

وأصدرت المحكمة الدستورية الألمانية في مدينة كارلسروه ثلاثة قرارات حاسمة، شددت فيها على أن الاحتجاز بغرض الترحيل لا يمكن أن يُنفّذ إلا بقرار قضائي مسبق، مؤكدة أن هذا الإجراء لا يُعد استثناءً من مبدأ الرقابة القضائية المنصوص عليه في الدستور، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، الأربعاء.

وأكدت المحكمة أن حرية الإنسان هي "أغلى ما يملكه الفرد"، ولا يجوز المساس بها إلا وفقًا للقانون وتحت إشراف قضائي مباشر، مشيرة إلى أن السلطات التنفيذية لا تملك صلاحية احتجاز الأفراد بمفردها تحت أي ظرف.

رفض التبريرات التنفيذية

حذّرت المحكمة من الممارسات التي تتبعها بعض سلطات شؤون الأجانب، والتي تُبرّر توقيف المهاجرين دون أمر قضائي بحجة غياب القضاة خارج أوقات الدوام الرسمي. 

ووصفت المحكمة هذا التبرير بأنه "غير مقبول قانونًا"، مؤكدة أن حماية الحقوق الأساسية لا تخضع لمواعيد إدارية أو ساعات عمل.

وشددت على أن أي تأخير في عرض القضية على قاضٍ يُعد انتهاكًا مباشرًا للدستور، ويستوجب المساءلة القانونية.

ورأت المحكمة الدستورية أن قراراتها الأخيرة تشكل إشارة واضحة لجميع الجهات التنفيذية بضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات. 

وأكدت أن الرقابة القضائية ليست مجرد إجراء شكلي، بل تمثل جوهر حماية الكرامة الإنسانية في النظام القانوني الألماني.

وأضافت أن أي تجاوزات في هذا الإطار تُضعف الثقة العامة في مؤسسات الدولة، وتقوّض أسس العدالة التي قامت عليها الجمهورية الفيدرالية.

انتهاكات موثقة ومخاوف

تتعرض ممارسات الاحتجاز الترحيلي في ألمانيا منذ سنوات لانتقادات متكررة من منظمات حقوق الإنسان والمحامين، الذين يؤكدون أن هذه الإجراءات كثيرًا ما تتم دون مراعاة الضمانات القانونية الأساسية.

ولا توجد إحصاءات رسمية دقيقة حول عدد حالات الاحتجاز غير القانوني، إلا أن تقارير المحامين المستقلين تكشف أرقامًا مثيرة للقلق.

وكشف المحامي بيتر فاهلبوش، وهو أحد أبرز المختصين في قضايا الحبس الترحيلي، أنه مثّل منذ عام 2001 أكثر من 2,764 شخصًا في جميع أنحاء ألمانيا، مشيرًا إلى أن نحو نصفهم احتُجزوا بقرارات تبيّن لاحقًا أنها غير قانونية بموجب أحكام قضائية نهائية.

وأوضح فاهلبوش أن متوسط فترة الاحتجاز بلغت نحو 25 يومًا قبل أن تتدخل المحاكم لتصحيح الإجراءات، ما يسلّط الضوء على ثغرات قانونية خطيرة في نظام الاحتجاز الإداري.

انتصار لكرامة الإنسان

رحبت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الألمانية بالقرار، معتبرة أنه يعيد الاعتبار لمبدأ الكرامة الإنسانية ويحدّ من سلطات الترحيل العشوائية. 

وأشارت إلى أن الرقابة القضائية على قرارات الاحتجاز تمثل خط الدفاع الأخير ضد التعسف، خصوصًا في ظل تصاعد الخطاب السياسي المناهض للمهاجرين في أوروبا.

ويرى مراقبون أن هذا الحكم سيُجبر السلطات التنفيذية على مراجعة إجراءاتها بشكل شامل، ووضع ضوابط أكثر صرامة لضمان احترام حقوق طالبي اللجوء والمهاجرين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية