حياة فوق الأنقاض.. عائلة فلسطينية تعيش فوق الركام في جباليا بغزة
حياة فوق الأنقاض.. عائلة فلسطينية تعيش فوق الركام في جباليا بغزة
تتشبث عائلة "بدوان" بخيوط الحياة بين أنقاض منزلها المدمر في جباليا شمالي قطاع غزة، حيث تتدلى ملابسها على حبل بلاستيكي فوق الركام، في مشهد يعكس صمود الفلسطينيين رغم الجراح والدمار الذي خلفته الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين.
فبعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في 9 أكتوبر الجاري، قررت العائلة العودة إلى ما تبقى من منزلها، الذي لم يبقَ منه سوى جدران متشققة وأعمدة متآكلة تروي فصول القصف العنيف، بحسب ما ذكرت وكالة "الأناضول"، الجمعة.
يتسلق أفراد العائلة سلماً خشبياً هشّاً للوصول إلى الطابق العلوي، فيما تتساقط الحجارة من حولهم في كل لحظة، مهددة حياتهم بانهيارٍ وشيك.
معاناة في قلب الدمار
تقول نائلة بدوان، وهي أم لخمسة أطفال، إن الحياة وسط الركام تحولت إلى معاناة يومية لا تنتهي، حيث تضطر العائلة لجلب المياه من مسافات بعيدة، ورفع الجالونات إلى الطابق العلوي عبر السلم، ما يتسبب بآلام لأطفالها.
كما يقطعون كيلومترات لشحن هواتفهم بسبب انقطاع الكهرباء التام، بينما يعتمدون في الطهي على إشعال البلاستيك والأوراق لغياب الغاز، ما تسبب في مشاكل تنفسية متكررة لهم.
توضح نائلة أن بيتهم يتعرض لانهيارات متكررة، إذ سقطت كتل إسمنتية في أثناء نومهم، وكاد أحد أطفالها يفقد حياته، مشيرة إلى أن الغرف المتصدعة باتت مأوى للفئران والحشرات، ما يزيد من معاناتهم اليومية.
خطر الانهيار والبدائل
ورغم المخاطر، ترفض العائلة مغادرة منزلها بسبب غياب البدائل وافتقارها لأي مصدر للدخل، إذ أصيب زوجها خلال الحرب وفقد عمله.
تقول نائلة بمرارة: "نعيش بلا أمان ولا دفء، ولا مكان آخر نذهب إليه". ومع اقتراب موسم الأمطار، تخشى أن يغرق ما تبقى من البيت فوق رؤوسهم، مطالبة بخيمة تقيهم البرد والمطر وملابس لأطفالها.
ويعاني آلاف الفلسطينيين من أزمة مأوى خانقة، حيث تشير بيانات المكتب الحكومي في غزة إلى أن 93 في المئة من الخيام انهارت ولم تعد صالحة للاستخدام.
وأعلنت الحكومة المحلية في 16 أكتوبر أن القطاع "منطقة منكوبة بيئياً وإنشائياً"، بعد تدمير نحو 268 ألف وحدة سكنية بالكامل، وتضرر مئات الآلاف جزئياً، ما أدى إلى تشريد أكثر من 288 ألف أسرة.
صمود رغم الألم
تجسد قصة عائلة بدوان مأساة عشرات الآلاف من العائلات التي عادت إلى أنقاض منازلها، معتبرة أن الحياة فوق الركام أقل قسوة من المكوث في خيام ممزقة لا تقي برد الشتاء.
وحذر المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، من أن "آلاف المباني في غزة مهددة بالانهيار في أي لحظة"، في ظل نقص المعدات والكوادر الهندسية اللازمة لتدعيمها.
منذ 8 أكتوبر 2023، شنّت إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة بدعم أمريكي، خلفت أكثر من 68 ألف شهيد و170 ألف جريح، ودماراً شبه كامل للبنية التحتية، فيما يواصل الفلسطينيون، مثل عائلة بدوان، نضالهم من أجل البقاء على قيد الحياة وسط الركام، متحدّين الموت بالفقر والصبر والأمل.











