وسط قلق حقوقي.. تراجع حرية الصحافة وتصاعد الانتهاكات في أفغانستان
وسط قلق حقوقي.. تراجع حرية الصحافة وتصاعد الانتهاكات في أفغانستان
فاقم استمرار الانتهاكات ضد الصحفيين في أفغانستان من تدهور حرية التعبير، في ظل مناخٍ يسوده الخوف والإفلات من العقاب، ما أدى إلى تراجع غير مسبوق في المشهد الإعلامي بالبلاد منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة عام 2021.
أكد مركز الصحفيين الأفغان، في بيان صدر الأحد، بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين الذي يوافق الثاني من نوفمبر، أن أكثر من 130 صحفياً وإعلامياً -منهم 20 امرأة- فقدوا حياتهم منذ عام 2001 أثناء تأديتهم واجبهم المهني.
وأوضح البيان أن أكثر من 90% من هذه الجرائم لم يُفتح فيها تحقيق جدي ولم يُحاسب مرتكبوها، ما يعكس ثقافة الإفلات من العقاب التي أصبحت سمة راسخة في النظام الحالي، الأمر الذي يعمّق أزمة حرية الصحافة ويقوّض ثقة المجتمع بسلطة القانون.
الصحافة في ظل طالبان
لفت البيان إلى أن السنوات الأربع الأخيرة منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم شهدت تسجيل ما لا يقل عن 640 انتهاكاً ضد الصحفيين والإعلاميين، شملت خمس حالات وفاة، منهم اثنان من موظفي الإذاعة والتلفزيون الوطنيين قُتلا في هجوم نُسب إلى جنود باكستانيين، فضلاً عن أكثر من 265 حالة اعتقال.
وتتهم منظمات حقوقية حركة طالبان بممارسة الرقابة الصارمة على وسائل الإعلام، وفرض قيود قاسية على المحتوى الإعلامي، ومنع النساء من العمل في المؤسسات الصحفية أو الظهور على الشاشة في بعض المناطق، وهو ما يتعارض مع المواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات.
ورصد مركز الصحفيين الأفغان تصاعد حملات التضليل والتشهير الإلكتروني ضد الصحفيين العاملين داخل البلاد وخارجها، إذ تستخدم حركة طالبان المنصات الرقمية أداة للترهيب وبث الخوف، عبر نشر معلومات كاذبة وصور مشوهة لسمعة الصحفيين الذين ينتقدون سياساتها.
وحذّر المركز من أن هذه الحملات تشكل أحد أخطر التهديدات الراهنة لسلامة الصحفيين، كونها تُستخدم لإسكات الأصوات الحرة وتشويه صورة الإعلام المستقل، مؤكداً أن المناخ العام في البلاد بات عدائياً تجاه أي شكل من أشكال النقد أو التحقيق الاستقصائي.
أصوات تُقمع وحقوق تُهدر
قال المركز إن استمرار الإفلات من العقاب يُضعف سيادة القانون ويُشجع على تكرار الانتهاكات، مشيراً إلى أن غياب العدالة للضحايا يترك آثاراً نفسية واجتماعية عميقة على عائلات الصحفيين والمجتمع كله، ويقود إلى تآكل حرية التعبير باعتبارها ركيزة أساسية للديمقراطية والتنمية.
وأضاف أن كثيراً من الصحفيين يعيشون اليوم في خوف دائم من الملاحقة أو الاعتقال أو الإخفاء القسري، في حين اضطر آخرون إلى مغادرة البلاد بحثاً عن الأمان، بعد أن تحوّلت المهنة من رسالة للكلمة الحرة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر.
ودعا مركز الصحفيين الأفغان المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تكثيف الجهود للضغط على السلطات الأفغانية من أجل ضمان العدالة للضحايا ورفع القيود المفروضة على العمل الصحفي، مؤكداً أن حماية الصحافة المستقلة تمثل ضمانة أساسية لحماية حقوق الإنسان وبناء مجتمع سليم.
وأشار التقرير إلى أن وقف الانتهاكات بحق الصحفيين يتطلب إرادة سياسية حقيقية لإصلاح منظومة العدالة، وتوفير بيئة قانونية تضمن حرية العمل الإعلامي بعيداً عن الخوف والقمع والترهيب، مؤكداً أن مستقبل أفغانستان لن يكون مستقراً دون إعلام حر ومسؤول يعبّر عن الحقيقة ويُسلّط الضوء على معاناة الناس.










