تمكين النساء في المغرب.. نشطاء يطالبون بإدماج مقاربة النوع بالسياسات التنموية
تمكين النساء في المغرب.. نشطاء يطالبون بإدماج مقاربة النوع بالسياسات التنموية
دعت المشاركات في ندوة نظّمها ائتلاف جمعيات أجيال المساواة بمدينة مراكش إلى تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات باعتباره مدخلاً أساسياً لتحقيق المساواة بين الجنسين.
وشددن على ضرورة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات التنموية الجهوية، ودعم النساء في بناء قدراتهن الذاتية بما يضمن لهن تحقيق الاكتفاء المالي والاستقلالية الاقتصادية، خاصة في المناطق القروية التي تعاني من ضعف الموارد وغياب الدعم المؤسسي، بحسب ما ذكر "راديو نيسا"، اليوم الخميس.
واستعرضت المشاركات خلال اللقاء الذي عُقد بمبادرة من ائتلاف أجيال المساواة، مذكرة مطلبية وترافعية تضمنت توصيات عملية ترمي إلى تمكين النساء اقتصادياً، كما ناقشن أبرز المعوقات التي تواجه حضور المرأة في الحياة الاقتصادية، وفي مقدمتها ضعف فرص التمويل، وغياب برامج مواكبة، واستمرار الفوارق في الأجور والفرص بين الجنسين.
وجاء في المداخلات أن المغرب حقق خلال السنوات الأخيرة تقدماً ملموساً في مجال تمكين النساء اقتصادياً بفضل إصلاحات تشريعية وبرامج دعم متعددة، غير أن هذا التقدم ما زال يصطدم بعقبات تتعلق بانخفاض مشاركة النساء في سوق العمل، وتركز أغلب نشاطهن في قطاعات غير مهيكلة تفتقر إلى الحماية الاجتماعية.
مشروع “أجيال المساواة”
أوضحت منسقة البرنامج حليمة أولامي أن مشروع "أجيال المساواة" يجمع أربع جمعيات هي: الأمان للمرأة والطفل، وفدرالية رابطة حقوق النساء، وجمعية الفضاء الجمعوي بجماعة أيت أورير، وجمعية بسمة بجماعة سيدي الزوين.
وبيّنت أن كل جمعية اشتغلت على محور خاص بالحقوق الاقتصادية للنساء، ثم التقت جهودهن في مشروع مشترك هدفه إعداد مذكرة ترافعية لتضمين منظور النوع الاجتماعي ضمن السياسات العمومية لجهة مراكش آسفي.
وأكدت أن البرنامج ركّز على تنظيم دورات تكوينية لفائدة نساء مقاولات أو حاملات مشاريع تعاونية، من أجل تعزيز معارفهن القانونية والتقنية المتعلقة بإنشاء المقاولات، وتطوير مهارات الترافع لديهن حتى يصبحن شريكات فعليات في صياغة السياسات التنموية المحلية.
ضعف المقاولة النسائية
قدّمت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء سناء زعيمي عرضاً مفصلاً حول المذكرة الترافعية، أوضحت فيه أن نسبة النشاط الاقتصادي للنساء بالمغرب لا تتجاوز 25%، ما يعكس ضعف استفادتهن من سوق العمل، واضطرار العديد منهن إلى الانخراط في قطاعات غير مهيكلة تفتقر لأي حماية قانونية أو اجتماعية.
وبيّنت زعيمي أن النساء العاملات يتقاضين أجوراً تقل بنحو 30% عن أجور الرجال، مشيرة إلى أن 20% من الأسر الحضرية و12.3% من الأسر القروية تعيلها نساء، أغلبهن مطلقات أو أرامل بنسبة تصل إلى 71.7%، ويواجهن نسباً مرتفعة من الأمية وحرماناً من التغطية الصحية.
وعرضت زعيمي تشخيصاً دقيقاً لوضعية النساء بجهة مراكش آسفي، حيث بلغت نسبة البطالة وسط الفتيات والنساء النشيطات نحو 31.16%، مقابل ضعف المبادرات النسائية في مجال الاقتصاد الأسري، خصوصاً في القرى التي تعاني من عزلة جغرافية ونقص في البنية التحتية.
وأشارت إلى أن عدد التعاونيات النسائية في الجهة لا يتعدى 810 من أصل 5971 تعاونية، أي ما يعادل 17.6% فقط من النسيج التعاوني، ما يعكس ضعف المقاولات النسائية وهيمنة الأنشطة الصغيرة والهشة.
ورجّحت المتحدثة أن يعود ذلك إلى صعوبة الولوج إلى التمويل العمومي المستدام وغياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة في برنامج التنمية الجهوية، إضافة إلى ضعف إدماج أدوات مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات المحلية، مؤكدة ضرورة مؤسسة آليات فعالة لمتابعة وتقييم البرامج التنموية من منظور المساواة بين الجنسين.
مبادرة لمواجهة التهميش
من جانبها، تحدثت رئيسة الفضاء الجمعوي بجماعة أيت أورير نجاة أتكارضي عن تجربة جمعيتها في العمل مع النساء القرويات من خلال مشروع محلي يحمل اسم “يودا” وتعني بالأمازيغية “كفى”، مشيرة إلى أنه جاء استجابة لمعاناة النساء الوافدات على مركز الاستماع للنساء ضحايا العنف، حيث شكّلت اللغة الأمازيغية في كثير من الأحيان معوقاً أمام وصولهن إلى الخدمات الأساسية.
وبيّنت أن المشروع ركّز على تنظيم قوافل تحسيسية في القرى لتعريف النساء بحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومحاربة التمييز القائم على اللغة والثقافة، إضافة إلى إعداد دليل خاص بالمؤطرين يتضمن أدوات عملية للتوعية والتدريب.
وأكدت أن التشخيص التشاركي الذي تم مع رؤساء الجماعات الترابية وجمعيات المجتمع المدني كشف أن أبرز العقبات التي تواجه النساء القرويات هي ضعف تمكينهن الاقتصادي وغياب فرص حقيقية لتحسين دخلهن، ما دفع بالجمعية إلى الانضمام إلى الائتلاف وتقديم مذكرة مطلبية شاملة للجهات المعنية.
توصيات ودعوات للدعم
طالبت المشاركات في ختام الندوة بضرورة تسهيل ولوج النساء إلى الخدمات الأساسية، وتوسيع برامج التكوين في مجالات إنشاء المقاولات والتعاونيات والمشاريع المدرة للدخل، مع التركيز على التدريب في التسويق الرقمي وتبسيط مساطر الحصول على التمويل.
كما شددن على أهمية إدماج النوع الاجتماعي في كل مراحل إعداد وتنفيذ ومتابعة المخططات التنموية، بما يضمن للنساء والفتيات موقعاً فاعلاً في الاقتصاد المحلي، ويسهم في بناء تنمية أكثر عدالة وتوازناً في جهة مراكش آسفي.










