نموذج فريد في التمكين.. قرية "السماحة" المصرية مجتمع نسائي متكامل
نموذج فريد في التمكين.. قرية "السماحة" المصرية مجتمع نسائي متكامل
تحوّلت قرية السماحة الواقعة قرب مركز إدفو في محافظة أسوان، جنوبي مصر، إلى نموذج فريد من نوعه في تمكين النساء الريفيات، بعدما أصبحت أول قرية مصرية تُدار بالكامل من قِبل النساء، وتُخصص لسكنهن دون السماح بدخول الرجال.
وأُقيمت القرية على أرض صحراوية كانت خالية من الحياة، لكنها تحوّلت خلال سنوات قليلة إلى مجتمع زراعي نشط، يسوده التعاون والعمل الجماعي، وتقطنه أكثر من ألفي سيدة وفتاة من المطلقات والأرامل، ينتمين إلى 313 أسرة، وفق بيانات رسمية صادرة عن محافظة أسوان، بحسب ما ذكر موقع "مصراوي"، الأحد.
وأسست الدولة قرية السماحة في إطار مشروع تابع لوزارة الزراعة، قبل أن تنتقل إدارتها إلى محافظة أسوان، ضمن رؤية تهدف إلى تمكين المرأة المعيلة اقتصاديًا واجتماعيًا، وتوفير بيئة آمنة لها بعيدًا عن أنماط التهميش والفقر التي تعاني منها كثير من النساء في المناطق الريفية.
زراعة الأرض وتربية الدواجن
واعتمدت النساء على أنفسهن في زراعة الأرض وتربية الدواجن والمواشي، وهو ما أتاح لهن مصدر دخل ثابت وفرص عمل مستدامة، بعيدًا عن التبعية الاقتصادية.
وقدّمت المحافظة برامج قروض صغيرة بدون فوائد، إلى جانب دعم اجتماعي وفني توفره منظمات المجتمع المدني.
وأكدت رئيسة وحدة السكان بمحافظة أسوان، الدكتورة ميرفت السمان، أن القرية تمثل أحد أبرز النماذج الحكومية التي تسعى إلى تعزيز استقلالية المرأة، مشيرة إلى أن السماحة “تحوّلت من قرية متلقية للدعم إلى مجتمع يُنتج ويساهم في التنمية المحلية”.
ضمن مبادرة "حياة كريمة"
أُدمجت القرية في السنوات الأخيرة ضمن مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وهي مبادرة وطنية تسعى إلى تحسين مستوى المعيشة في القرى الأكثر احتياجًا، ما أتاح لقرية السماحة الاستفادة من خدمات صحية وتعليمية واجتماعية، إضافة إلى برامج التوعية والتمكين الاقتصادي.
وتلقّت النساء دورات تدريبية في إدارة المشروعات الصغيرة، والتصنيع الزراعي المنزلي، والتسويق المحلي، ما مكّن العديد منهن من فتح منافذ بيع لمنتجات الألبان والخضراوات والملابس، ودخول سوق العمل الريفي كمنتِجات مستقلات.
وأسهمت هذه المبادرات في تقليص معدلات الفقر بين الأسر النسائية، وتوفير التعليم للفتيات، والرعاية الصحية لكبار السن والمعيلات، في منطقة ظلت لعقود تعاني من العزلة وضعف الخدمات الأساسية.
غيّرت ملامح تمكين المرأة
جسّدت قرية السماحة تحوّلًا حقيقيًا في رؤية الدولة المصرية لتمكين النساء، ليس فقط عبر تقديم المساعدات، بل عبر إعادة تشكيل دور المرأة كفاعل اقتصادي واجتماعي مستقل، وهو ما يعكس تغيرًا ملموسًا في فلسفة التعامل مع المرأة المعيلة في المجتمعات الريفية.
ورأت السمان، أن “قرية السماحة تمثل شهادة حيّة على قدرة المرأة المصرية على تحدي الظروف القاسية، وتحمّل المسؤولية المجتمعية، والنهوض بأسرتها ومجتمعها إذا ما أُتيحت لها الفرصة”.
وأكدت على أن المشروع بات مرجعًا في تطوير سياسات محلية مشابهة في قرى أخرى من صعيد مصر.
وتُعد تجربة السماحة، بكل ما تمثله من تمكين وإنجازات، قصة نجاح ملهمة تُجسّد ما يمكن أن تحققه المرأة المصرية حينما تُمنح المساحة والدعم والثقة، في وطنٍ يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية لكافة فئاته.