الناشطة معصومة سليماني: النظام الإيراني لا يحتمل نشر صورة أو خبر على مواقع التواصل ويعتبره تهديداً للأمن القومي
الناشطة معصومة سليماني: النظام الإيراني لا يحتمل نشر صورة أو خبر على مواقع التواصل ويعتبره تهديداً للأمن القومي
تسلّط قضية الناشطة المدنية وبطلة المصارعة السابقة معصومة سليماني الضوء على القمع المتزايد الذي يواجهه مستخدمو الفضاء الإلكتروني في إيران، حيث تفرض السلطات قيودًا صارمة على نشر الصور أو الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتعامل مع أي تداول غير مُصرّح به على أنه تهديد للأمن القومي أو اعتداء على الآداب العامة.
وتأتي شهادة سليماني لتكشف مدى اتساع الهوة بين واقع الحريات الرقمية في البلاد وما تروج له السلطات من خطاب رسمي حول الانفتاح والشفافية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الجمعة.
تنقل الناشطة سليماني، عبر مقطع فيديو نشرته على حسابها في منصة "إنستغرام"، الضغوط الشديدة التي تتعرض لها من الأجهزة الأمنية، مؤكدة أن "حصتها من حرية نشر صورة أو خبر هي إما رصاصة أو سجن".
وتشير إلى أن السلطات لم تكتفِ بفتح ملفات قضائية ضدها، بل مارست ضدها تهديدات نفسية وملاحقات مستمرة، ما يعكس حجم التضييق المفروض على الناشطين، خصوصًا النساء اللواتي يكسرن الحواجز الرسمية المفروضة على التعبير.
فجوة الحريات في إيران
تُقارن الناشطة سليماني بين وضع الحريات في إيران وبين ما هو متاح في الدول الأخرى، موضحة أنّ "العديد من النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب الإلزامي يمكنهن الظهور في احتفالات رسمية وبرامج حكومية دون قيود"، في حين تواجه هي ملاحقات أمنية لمجرد نشر صورة.
وتعكس هذه المقارنة التناقض الداخلي في طريقة تطبيق القوانين، حيث تمنح السلطات امتيازات لفئات معينة، في حين تُشدّد قبضتها على النشطاء المستقلين.
ويأتي هذا التناقض في سياق أوسع، إذ شهدت إيران منذ احتجاجات سبتمبر 2022 بعد وفاة مهسا أميني، توسيعًا هائلًا في صلاحيات الشرطة الأخلاقية والتشدد في مراقبة المحتوى الإلكتروني، ما جعل منصات مثل إنستغرام وتلغرام ساحات مواجهة مستمرة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين.
تطبيق انتقائي للقانون
تنتقد الناشطة سليماني ما وصفته بالفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن القانون في إيران "ليس واحدًا للجميع"، بل يُطبّق وفق هوية الشخص وموقعه الاجتماعي وانتمائه السياسي.
ويعزز هذا الاتهام الصورة الراسخة لدى كثير من الإيرانيين حول اتساع الفجوة بين الشعب والنخبة السياسية الحاكمة، وهي فجوة أسهمت في اشتعال موجات متتالية من الاحتجاجات منذ عام 2009 وصولًا إلى اليوم.
تكشف الناشطة سليماني أن المدعي العام هو من تولّى الادعاء ضدها، غير أنه أبلغها بأنه لا يمتلك الحق في إصدار الحكم لأن قضيتها تُعد "أمنية"، ما يعني تحويلها مباشرة إلى مسار قضائي يرتبط بالمخابرات والحرس الثوري.
وتوضح أنها أُجبرت على حضور دورات تدريبية إجبارية لمدة ستة أشهر تحت إشراف الأجهزة الأمنية، وهي إجراءات تُستخدم عادة مع المعارضين أو المتهمين بقضايا سياسية.
ويعكس هذا المسار القضائي طبيعة التعامل مع الناشطين في إيران، حيث تُحجب أحكام المحاكم عن المتهمين، وتُفرض عليهم قيود على السفر، ويُخضعون لبرامج مراقبة وتلقين، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
أحداث عنف 2019
تستذكر الناشطة سليماني أحداث احتجاجات عام 2019، مؤكدة أن الضباط الذين اتُّهموا حينها بالقتل والاغتصاب والتعذيب هم أنفسهم الذين عادوا لتهديدها اليوم باستخدام المسدسات الكهربائية والغاز والسلاسل، قائلة إنهم "مزّقوا ملابسها آنذاك قبل أن يعودوا اليوم ليدّعوا أنهم يريدون تعليمها درسًا في الأخلاق".
ويعيد هذا الاتهام إلى الواجهة ملف الانتهاكات الأمنية التي شهدتها البلاد خلال تلك الاحتجاجات، والتي قُتل فيها مئات المتظاهرين بحسب تقارير دولية، دون محاسبة تُذكر.
وتسأل الناشطة سليماني، بعد نشرها صورة الحكم الصادر بحقها على صفحتها، عن كيفية سجن "أمّ حامل" بسبب صورة نُشرت على الإنترنت، مؤكدة أنها مُنعت حتى من الاطلاع على الحكم نفسه، في سابقة تكشف حجم الخلل في النظام القضائي الإيراني.
وتختتم نداءها بتوجيه رسالة إلى الشعب الإيراني قائلة: «كونوا صوتي»، في إشارة إلى شعورها بأن المؤسسات الداخلية لم تعد تمثل ملاذًا لإنصاف المظلومين أو حماية حقوقهم الأساسية.











