قمع حرية التعبير.. حظر "فلسطين أكشن" يثير أزمة حقوقية في المملكة المتحدة
قمع حرية التعبير.. حظر "فلسطين أكشن" يثير أزمة حقوقية في المملكة المتحدة
حذر مسؤول في وزارة الداخلية البريطانية، من أن حظر منظمة "فلسطين أكشن" قد يؤدي إلى "تجريم أشخاص ظلماً"، خاصة أولئك الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية دون الانتماء إلى المنظمة نفسها، مضيفاً أن هناك حالة من الارتباك بين أفراد شرطة مكافحة الإرهاب والمسؤولين في المدارس والمستشفيات نتيجة تطبيق الحظر، ما يجعل العضوية في المنظمة أو دعم أنشطتها جريمة جنائية بموجب قانون الإرهاب.
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن المسؤول الذي يعمل عن كثب مع برنامج "بريفنت"، قوله: "أشعر بالقلق إزاء زيادة حالات الإحالات إلى نظام "بريفنت" التي قد تكون مرتبطة بالدفاع عن فلسطين، في ضوء حظر هذه المجموعة البارزة، وما قد ينشأ عن ذلك من ارتباك في المدارس ومؤسسات الرعاية الصحية وجميع الجهات الأخرى التي يُتوقع منها إجراء إحالات عبر البرنامج".
وأوضح المسؤول أن هذا الارتباك أثر في خطوط الشرطة الأمامية، حيث أصبح من الصعب تمييز الأفراد الذين يشكلون خطرًا حقيقيًا عن أولئك الذين يعبرون عن آرائهم السياسية أو يدعمون حقوق الفلسطينيين بشكل سلمي.
ارتفاع عدد الإحالات
أظهرت الأرقام الرسمية المنشورة، بحسب الصحيفة البريطانية، ارتفاع عدد الإحالات إلى برنامج مكافحة الإرهاب بنسبة 27% خلال العام حتى مارس 2025 مقارنة بالأشهر الاثني عشر السابقة، وهو أعلى رقم منذ بدء تسجيل الحالات. وأوضح المسؤول أن حظر "فلسطين أكشن" دخل حيز التنفيذ في 5 يوليو، لكنه يثقل كاهل "المنع" في وقت كان بالفعل تحت ضغط غير مسبوق بعد هجمات ساوثبورت، والتي أثارت المخاوف بشأن الأشخاص المهووسين بالعنف دون وجود أيديولوجية إرهابية واضحة.
ومن جانبه، أكد المراجع المستقل في نظام "بريفنت"، ديفيد أندرسون، أن أي شخص "أحمق بما يكفي ليقول إن نواياها سليمة، أو أن على الحكومة أن تُنصت إليها، يرتكب جريمةً خطيرة للغاية قد تُعرّضه للمحاكمة والإدانة والسجن بوصفه إرهابياً"، بحسب "الغارديان".
وأوضح أن هذا التحول في التطبيق قد يضر بمصداقية جهود مكافحة الإرهاب الحيوية ويضعف فعالية برنامج "بريفنت" في معالجة القضايا الحقيقية، خاصة في الحالات المتعلقة بدعم حقوق الفلسطينيين بشكل قانوني وسلمي.
كما نقلت "الغارديان" عن متحدث باسم وزارة الداخلية: "إن دعم فلسطين ليس كدعم منظمة إرهابية محظورة، هناك العديد من الطرق القانونية للتعبير عن دعم الحقوق الفلسطينية والسيادة دون أن تكون عضوًا في هذه الجماعة الضارة أو مرتبطًا بها".
وحذّر تقرير لصحيفة "الإندبندنت" من استخدام قانون الإرهاب على نطاق واسع لحظر "فلسطين أكشن"، مشيرًا إلى أن مراجعة استمرت ثلاث سنوات خلصت إلى أن برنامج "بريفنت" لمكافحة التطرف غير مجدٍ، وأن التعريف الرسمي الحالي للإرهاب فضفاض جدًا ويُثير "شكوكًا ومبالغة في تطبيقه".
حماية الجمهور من الإرهاب
أشارت اللجنة المستقلة المعنية بقوانين وسياسات وممارسات مكافحة الإرهاب، بقيادة القاضي السابق السير ديكلان مورغان، إلى أن الإجراءات المتبعة لحظر جماعات مثل "فلسطين أكشن" يجب أن تُستخدم فقط لحماية الجمهور من الإرهاب، وأن الحظر يجب أن ينقضي بعد خمس سنوات ما لم يُجدد.
وأوضح التقرير أن التعريف الرسمي للإرهاب ينبغي أن يقتصر في حالات الأضرار بالممتلكات على الأفعال التي تُشكل "خطرًا جسيمًا على الحياة أو الأمن القومي أو السلامة العامة، أو التي تنطوي على إشعال الحرائق أو استخدام المتفجرات أو الأسلحة النارية".
وأشارت "الإندبندنت" إلى أن الأفراد قد يُحاكمون بسبب العضوية في الجماعة، أو الدعوة لدعمها، أو ارتداء رموز مرتبطة بها، أو التعامل مع ممتلكاتها، وهو ما يثير "ارتباكًا ويُعوق المشاركة المدنية المشروعة".
وأوردت أن اعتقال نحو 2000 شخص حدث بموجب قانون الإرهاب خلال سلسلة من الاحتجاجات منذ الحظر في 5 يوليو 2025، حيث أصبح دعم الجماعة جريمة يُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عامًا.
مخاطر التجريم
أكد التقرير أن برنامج "بريفنت" أصبح يشمل بشكل متزايد أفرادًا يعانون من نقاط ضعف معقدة، ومنها مشاكل الصحة العقلية، والعزلة الاجتماعية، أو التباين العصبي، بدلاً من المخاطر الإرهابية الواضحة، ما أدى إلى طمس هدف البرنامج الأصلي.
وقال التقرير إن المتورطين في مؤامرات إرهابية محتملة ضد المملكة المتحدة أصبحوا أصغر سنًا، وقد يكونون مدفوعين بمزيج معقد من الأيديولوجية والمظالم والضعف الشخصي.
وأضافت "الإندبندنت" أن دون معايرة دقيقة، قد تُطبق صلاحيات مكافحة الإرهاب على نطاق واسع للغاية، لتشمل سلوكًا ضارًا لكنه ليس إرهابيًا، وهو ما يظهر بشكل أكثر حدة في برنامج "المنع"، حيث أصبحت الحدود بين الحماية والعدالة الجنائية ومكافحة الإرهاب غير واضحة.
وأفادت اللجنة بأنه من بين 58 ألف شخص أُحيلوا إلى برنامج "المنع" منذ عام 2015، لم يكن لدى أكثر من 90% منهم أي مخاوف تتعلق بالإرهاب.
انتصارات قانونية
فاز المؤسس المشارك لمنظمة حقوقية فلسطينية مقرها المملكة المتحدة، وفق أسوشيتد برس، بدعوى قانونية للطعن في حظر الحكومة البريطانية على المنظمة، مؤكداً أن الحظر يعادل تصنيفها مع تنظيمات مثل القاعدة وحماس، ويعاقب العضوية فيها أو دعمها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عامًا.
وذكرت "أسوشيتد برس" أن القاضي مارتن تشامبرلين صرح بأن القضيتين المطروحتين "قابلتان للنقاش بشكل معقول"، ما يتيح المضي قدمًا في الطعن القانوني أمام المحكمة العليا.
ونقلت الوكالة عن هدى عموري، المؤسِّسة المشاركة، قولها: "هذا القرار التاريخي بمنح مراجعة قضائية قد تُؤدي إلى إلغاء قرار وزير الداخلية غير القانوني بحظر منظمة فلسطين أكشن، يُظهر أهمية هذه القضية بالنسبة لحرية التعبير والتجمع، والحق في العدالة الطبيعية، وسيادة القانون نفسها".
تعزيز الرقابة البرلمانية
دعت اللجنة المستقلة، وفق "الإندبندنت"، إلى تشديد الرقابة البرلمانية على قرارات حظر الجماعات، وتوجيه اتهامات للمشتبه بهم فقط عندما تكون النية واضحة لارتكاب جريمة، مع حصر العقوبات في المادتين 12 و13 من قانون الإرهاب.
وأكدت اللجنة أن إدراج دعم الحقوق الفلسطينية أو النشاط السياسي السلمي ضمن التهم قد يؤدي إلى "تجريم الشباب ظلماً"، ويضعف التماسك الاجتماعي والثقة بين المجتمعات المحلية والحكومة.
كما قدمت اللجنة 113 توصية، منها استراتيجية وطنية لتعزيز التماسك الاجتماعي، ومنح صلاحيات كبرى للمراجع المستقل لقوانين مكافحة الإرهاب لضمان أن يكون الحظر أداة حماية حقيقية من الإرهاب، لا وسيلة لتقييد الحريات المدنية أو استهداف الحقوق السياسية المشروعة.











