قررت منعهن من الخروج.. قمع طالبان للمرأة يثير غضب السكان المحليين
قررت منعهن من الخروج.. قمع طالبان للمرأة يثير غضب السكان المحليين
في مدينة قندهار الأفغانية، واجهت العائلات المحلية موجة من الضغوط غير المسبوقة من فرق المحتسبين التابعة لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لحركة طالبان، وأفادت المصادر المحلية بأن هذه الفرق طالبت الأهالي بتسليم النساء اللواتي "لا يطعن الرجال" من أجل "إصلاحهن" وفق ما وصفوه بتعليمات دينية صارمة.
سكان الحي التاسع والحي الخامس أكدوا أن العناصر أبلغوهم بأن أي امرأة تخرج من المنزل دون إذن، أو لا تلتزم بالحجاب الكامل، أو لا تنفذ أوامر الزوج، يجب أن تُسلم إلى مكاتب المحتسبين، وقال أحد المواطنين إن هذا التدخل في الحياة الأسرية "مهين جدًا"، وأنه يمثل انتهاكًا صارخًا لخصوصية الأسرة وتقاليد المجتمع المحلي بحسب ما أوردت “أفغانستان إنترناشيونال” اليوم الاثنين.
وخلال الأيام الماضية، كثف المحتسبون اجتماعاتهم داخل المساجد بعد صلاة المغرب، وأغلقوا أبوابها ومنعوا خروج المصلين حتى الانتهاء من الاجتماعات، خلال هذه اللقاءات، أعلن المحتسبون صراحة أن النساء اللواتي "لا يلتزمن بمعاييرهم" يجب تسليمهن للمكاتب المختصة.
مصادر محلية أكدت أن هذه التعليمات لا تقتصر على حي معين، بل تُطبق في عدة نواحٍ من الولاية الأفغانية، ما أثار قلقًا واسعًا من أن استمرارها قد يؤدي إلى احتقان اجتماعي شديد وزيادة التوتر داخل المنازل.
آثار نفسية واجتماعية
يقول خبراء نفسيون محليون إن التدخل المباشر للمحتسبين في شؤون الأسرة يزيد من الضغط النفسي على النساء ويؤدي إلى اضطرابات عاطفية واجتماعية، خصوصًا للفتيات الصغيرات اللاتي يُحرمن من حرية الحركة والتعليم والعمل.
أحد المواطنين أضاف أن تدخل المحتسبين "يشكل أداة ضغط داخلية يمكن أن تزيد من الصراعات الأسرية"، مؤكدًا أن النساء اللواتي خضعن لهذه الإجراءات غالبًا ما يشعرن بالعجز والخوف المستمر، ما يؤدي إلى آثار طويلة المدى في صحتهن النفسية.
ومنذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في 2021، فرضت الحركة قيودًا واسعة على النساء في جميع أنحاء أفغانستان، وتشمل هذه القيود منع النساء من العمل في كثير من القطاعات، ووقف التعليم الثانوي للبنات، وفرض الحجاب الكامل، والحد من حرية التنقل إلا برفقة محرم.
تقارير صادرة عن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تشير إلى أن هذه السياسات تمثل جزءًا من حملة منهجية لقمع النساء وإخضاعهن للرقابة الاجتماعية الصارمة، كما أكدت الأمم المتحدة أن القيود الجديدة على حرية المرأة تزيد من العنف الأسري وتحد من قدرتها على الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
ردود فعل حقوقية
أعربت منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية عن قلقها البالغ من هذه الإجراءات، وقالت المنظمات إن مطالب طالبان للأسر بتسليم النساء اللواتي "لا يلتزمن بالمعايير" تُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
الأمم المتحدة دعت في عدة بيانات إلى ضرورة حماية النساء والفتيات، وحذرت من أن استمرار تدخل المحتسبين في الحياة الأسرية قد يؤدي إلى تفاقم العنف المبني على النوع الاجتماعي ويزيد من خطر التشريد الداخلي للنساء اللواتي يرفضن الامتثال للقيود.
وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طالبان كانت تركز تاريخيًا على مراقبة النساء في الأماكن العامة، وفرض العقوبات على من يخرقن قواعد الحجاب أو يخرجن دون محرم، لكن تدخل هذه الوزارة مباشرة في الأسر يعد تصعيدًا لم يُعرف من قبل.
خبراء أفغان يشيرون إلى أن توسع صلاحيات المحتسبين في البيوت يعكس استراتيجية طالبان لزيادة السيطرة الاجتماعية على النساء وخلق آلية ضغط للالتزام بالقيم الدينية التي تفرضها الحركة، وقد أدى ذلك إلى زيادة الاحتقان بين السكان المحليين الذين يشعرون بأن خصوصيتهم وحرية أسرهم معرضة للانتهاك المباشر.
مخاطر طويلة المدى
التدخل المباشر للمحتسبين يهدد التماسك الاجتماعي، ويزيد من احتمالات نشوب صراعات داخل الأسرة الواحدة، كما يمكن أن يؤدي إلى تفشي العنف الأسري والضغط النفسي المزمن على النساء والفتيات، كما يراه محللون تهديدًا للقدرة على إعادة بناء مجتمع متماسك ومستنير بعد عقود من النزاعات المستمرة في أفغانستان.
سكان قندهار الذين تحدثوا إلى وسائل الإعلام أفادوا بأن استمرار هذه السياسات قد يدفع الأسر إلى اللجوء إلى الكتمان والخوف، مع احتمال زيادة حالات الاختفاء القسري للنساء اللواتي يرفضن الامتثال، وهو ما يشكل خطرًا على حقوق الإنسان الأساسية في الحياة والسلامة الجسدية.
وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طالبان تأسست بوصفها هيئة رسمية لمراقبة الالتزام بالقوانين الدينية والاجتماعية، وكان عملها تاريخيًا يقتصر على مراقبة السلوك في الأماكن العامة، ومنذ عودة طالبان إلى السلطة، وسعت الحركة صلاحيات هذه الوزارة لتشمل التدخل في حياة الأسر، خصوصًا النساء والفتيات.
تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن سياسات طالبان تؤدي إلى انتهاكات متكررة لحقوق النساء والفتيات، تشمل الحرمان من التعليم والعمل، ومنع السفر دون محرم، وفرض قيود صارمة على الزي والسلوك. وتشير الدراسات النفسية والاجتماعية إلى أن هذه الإجراءات لها آثار عميقة في الصحة العقلية للنساء، وتشجع على انتشار العنف الأسري.
المنظمات الحقوقية الدولية تصف تدخل طالبان في حياة النساء اليومية بأنه أحد أشكال السيطرة الاجتماعية الأكثر قسوة منذ عقود، محذرة من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى أزمة إنسانية واسعة تتعلق بحقوق المرأة والأمن الأسري.











