تورينو تطلق مبادرة "أبيتاتو" لتعزيز سكن اللاجئين ودمجهم في المجتمع
تورينو تطلق مبادرة "أبيتاتو" لتعزيز سكن اللاجئين ودمجهم في المجتمع
أطلقت مدينة تورينو الواقعة عند سفوح جبال الألب في شمال إيطاليا، خلال الأيام القليلة الماضية، مبادرة جديدة تحمل اسم "أبيتاتو"، وهي خطوة واسعة تهدف إلى دعم استقلالية السكن وتعزيز الاندماج الاجتماعي للاجئين الحاصلين على الحماية الدولية.
ويأتي المشروع في لحظة يعد فيها ملف السكن إحدى أكثر القضايا تعقيداً في السياسات المحلية الإيطالية، خصوصاً بالنسبة للاجئين الذين يغادرون منظومة الاستقبال الرسمية بعد حصولهم على الحماية، ليواجهوا سوقاً عقارياً شديد الصعوبة، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، اليوم الثلاثاء.
وتستند المبادرة إلى رؤية تعد أن الاستقلال السكني ليس مجرد توفير غرفة أو سقف، بل هو شرط أساسي لبدء حياة مستقرة، وبناء علاقات اجتماعية، والوصول إلى الخدمات العامة، والحفاظ على أي فرصة عمل، وهي عوامل تشكّل الأساس لأي عملية اندماج ناجحة داخل المجتمع الإيطالي.
أبعاد أوسع للمبادرة
تندرج مبادرة "أبيتاتو" ضمن استراتيجية كبرى تتبناها إدارة تورينو لتعزيز نظام الاندماج المحلي، مع التركيز على السكن بوصفه أولوية محورية في سياسات التماسك الاجتماعي.
وتشير بيانات المدينة، الصادرة في 20 نوفمبر، إلى أن البرنامج يستهدف اللاجئين الذين غادروا نظام الاستقبال خلال العام الماضي، وهم فئة غالباً ما تُترك وحيدة في مواجهة عقبات اقتصادية وثقافية وإدارية تجعل الوصول إلى سكن مستقر أمراً بالغ التعقيد.
وتبرز أهمية المشروع في ظل ازدياد التحديات التي يواجهها اللاجئون داخل المدن الكبرى في إيطاليا، حيث ترتفع أسعار الإيجارات، وتتزايد الطلبات البيروقراطية، ويشترط كثير من الملاك ضمانات مالية لا يستطيع معظم اللاجئين توفيرها، رغم أن كثيرين منهم بدؤوا بالفعل مسارات إيجابية في العمل والتعليم.
آليات المشروع وتمويله
يعمل مشروع "أبيتاتو" عبر برنامج يمتد لمدة 24 شهراً، بتمويل يتجاوز 980 ألف يورو من صندوق اللجوء والهجرة والاندماج الأوروبي (2021–2027)، وبدعم من وزارة الداخلية الإيطالية، وبإسهامات مالية من الاتحاد الأوروبي.
وتنفّذ المدينة هذا البرنامج بالشراكة مع شبكة واسعة من المنظمات غير الربحية العاملة في مجالات الاستقبال، والوساطة الثقافية، والاندماج الاجتماعي، ما يمنح المشروع بعداً مجتمعياً واسعاً.
يتضمن المشروع مجموعة من مسارات الدعم، مثل تعزيز خدمات الإرشاد والمعلومات، التنسيق مع مراكز الاستقبال، إنشاء نقاط وصول مخصّصة للاجئين، تقديم إسهامات إيجارية للمساعدة في الحصول على عقود سكن، توفير وساطة عقارية تساعد المستفيدين على تجاوز حاجز اللغة والثقافة، وتقديم برامج للتوعية المالية وتنمية القدرة على إدارة ميزانية السكن.
وتسعى المبادرة كذلك إلى تشجيع الروابط الاجتماعية بين اللاجئين وسكان تورينو، عبر أنشطة مجتمعية وتدريبية ولقاءات تهدف إلى مواجهة الصور النمطية وتعزيز ثقافة الترحيب، في ظل تنامي الخطاب المتحفظ تجاه الهجرة في العديد من المدن الأوروبية.
رؤية تصريحات المسؤولين
شدّد مستشار السياسات الاجتماعية في تورينو، جاكوبو روزاتيلي، على أن السكن ليس مجرد “مأوى”، بل ركيزة أساسية تمكّن الفرد من المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أن مشروع "أبيتاتو" يُعد أحد العناصر الجوهرية في خطة السكن بالمدينة، بهدف تحويل تورينو إلى فضاء حضري شامل ومستدام، يضمن “حق السكن الكريم” للجميع، ومنهم اللاجئون.
وأكد روزاتيلي أن نجاح هذا التوجه يتطلب عملاً مشتركاً بين المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية والمواطنين وأصحاب العقارات، ضمن رؤية تقوم على الحوكمة التشاركية لسياسات السكن، ما يحقق توازناً بين احتياجات السكان الأصليين والوافدين الجدد.










