إفراج مشروط.. قضية سنية الدهماني تعيد الجدل حول الحريات في تونس
إفراج مشروط.. قضية سنية الدهماني تعيد الجدل حول الحريات في تونس
غادرت المحامية التونسية سنية الدهماني السجن، الخميس، بعد قرار بالإفراج المشروط صدر عقب أكثر من 18 شهرًا قضتها رهن الاحتجاز على خلفية تصريحات إعلامية مثيرة للجدل اعتُبرت انتقادًا مباشراً للسلطات ولسياسات الرئيس قيس سعيّد.
ويأتي هذا التطور في لحظة سياسية حساسة، تتصاعد فيها الانتقادات الدولية لتراجع الحريات وتضييق المجال العام في تونس منذ عام 2021، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وقال محامي الدهماني، إن الإفراج عنها جاء "بأمر من وزارة العدل"، بينما لا تزال خاضعة للمراقبة القضائية.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن وضعها الصحي المتدهور -بسبب السكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل الغدة الدرقية- ساهم في تسريع قرار الإفراج المشروط.
ملف قضائي معقّد
واجهت الدهماني سلسلة من المحاكمات بسبب تصريحات أدلت بها عبر برامج إذاعية وتلفزيونية، كان أبرزها انتقادها للتمييز والعنصرية في المجتمع التونسي.
وحُكم عليها خلال العامين الأخيرين بالسجن في عدة قضايا استندت جميعًا إلى المرسوم 54 الخاص بـ"مكافحة الأخبار الكاذبة"، وهو المرسوم الذي تقول منظمات حقوق الإنسان إنه تحول إلى أداة لقمع الأصوات المعارضة والصحافيين والمحامين.
وتلاحق السلطة الدهماني في خمس قضايا على الأقل، من بينها حكم بالسجن لعامين صدر في يونيو الماضي عقب تصريحات أثارت جدلًا حول وجود "مقابر وحافلات مخصّصة للسود" في بعض المناطق.
كما تمت معاقبتها سابقًا بالسجن لمدة 18 شهرًا بسبب تعليق ساخر على تصريحات رسمية بشأن المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء.
سياق سياسي مأزوم
يشير مراقبون إلى أن قضية الدهماني أصبحت رمزًا لتدهور مناخ الحقوق والحريات في تونس، خصوصًا بعد قرارات الرئيس سعيّد منذ يوليو 2021 بتجميع السلطات بيده، وتعطيل جزء كبير من المنظومة الدستورية.
وأوقِف في السنوات الأخيرة عشرات المحامين والصحافيين والمعارضين بموجب المرسوم 54 أو قانون مكافحة الإرهاب أو تهم "التآمر على أمن الدولة".
وأثار اعتقال الدهماني في مايو 2024 -خلال بث مباشر داخل “دار المحامي”- موجة إدانة واسعة من نقابات المحامين في فرنسا ومنظمات دولية.
واعتمد البرلمان الأوروبي قرارًا عبّر فيه النواب عن "قلقهم العميق" تجاه وضع الحريات في تونس، داعين إلى الإفراج عنها وعن غيرها من المعتقلين على خلفية آرائهم، وإلى إلغاء المرسوم 54 الذي وصفوه بأنه أصبح "أداة للتدخل في الحريات الأساسية".
ملف لم يُغلق
تؤكد مصادر حقوقية أن الإفراج المشروط لا يعني انتهاء الملاحقات القضائية، بل يشير إلى مرحلة جديدة يُرجَّح أن تستمر فيها الضغوط على الدهماني وعلى قطاع المحاماة والإعلام عمومًا.
ويتوقع متابعون أن يؤثر استمرار العمل بالمرسوم 54 على قدرة التونسيين في ممارسة حرية التعبير، في ظل تزايد الشكاوى من الرقابة الذاتية والخوف من الملاحقات.











