تلوث الهواء في طهران.. أزمة صحية مستمرة تهدد حياة ملايين المواطنين

تلوث الهواء في طهران.. أزمة صحية مستمرة تهدد حياة ملايين المواطنين
تلوث الهواء في طهران

شهدت طهران وعدد من المدن الكبرى في إيران يوم الخميس حالة شديدة الخطورة من تلوث الهواء، إذ تجاوز مؤشر جودة الهواء مستويات الخطر في العديد من المحطات بالعاصمة، بينما سجلت مدن مثل مشهد، أصفهان، أرومية، تبريز، قم ومناطق محافظة خوزستان مستويات مرتفعة من التلوث جعلتها تدخل في النطاق الأحمر أو البرتقالي.

الأرقام الرسمية أثارت المخاوف الصحية، خصوصًا بالنسبة للأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي والقلب، الذين يُنصحون بتقليل النشاطات الخارجية إلى الحد الأدنى، وفق شبكة "إيران إنترناشيونال".

مؤشرات قياسية في العاصمة

بحسب منظومة رصد جودة الهواء الإيرانية، بلغ مؤشر محطة قرتشك 219، فيما سجّل ميدان فتح في المنطقة التاسعة 213، ما يضعهما في فئة شديد التلوث لجميع الفئات، وسجلت مناطق أخرى في طهران سجلت مؤشرًا ضمن نطاق "غير الصحي للجميع"، ما يعكس اتساع نطاق الأزمة في العاصمة، ويُقسم مؤشر جودة الهواء إلى خمس فئات رئيسة، تبدأ بالهواء النقي ثم الهواء الصحي، وصولًا إلى "غير الصحي للفئات الحساسة"، و"غير الصحي للجميع"، و"شديد التلوث"، و"خطر مميت".

تفاعل السلطات التعليمية

مع انتشار الأزمة، عقدت طهران جلسات لإدارة الأزمة، إلا أن الإجراءات الرسمية اقتصرت على إغلاق المدارس والجامعات، وأكد حسين صادقي، مدير العلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم، أنه في حال استمرار زيادة تركيز الملوثات، سيتم استخدام "المدرسة التلفزيونية" كبديل مؤقت عن التعليم الحضوري، مع مراعاة البطء في الإنترنت الذي قد يؤثر على التعليم عن بعد، وأوضح صادقي أن السياسة الأساسية للوزارة تبقى إقامة الصفوف حضوريًا لما فيه من فاعلية تعليمية أعلى للطلاب.

تلوث الهواء في المحافظات 

مدينة مشهد سجلت مؤشراً بلغ 160، ما جعلها ضمن نطاق "غير الصحي للجميع" لليوم الثاني على التوالي، وبقيت مناطق مثل صدف، إماميه وتشمن ضمن الوضع البرتقالي، فيما بقيت بقية مناطق المدينة في النطاق الأحمر، وفي أصفهان، وبلغ متوسط المؤشر حتى صباح الخميس 159، مع تسجيل محطات مختلفة من المدينة أرقامًا تتراوح بين 160 و188، بينما سجلت منطقة قهجاورستان المؤشر الأعلى عند 297، ما جعلها واحدة من أكثر المناطق تلوثًا في إيران.

أما في أرومية فبلغ مؤشر جودة الهواء صباح الخميس 250، ما وضع المدينة ضمن النطاق "شديد التلوث" لليوم الثالث على التوالي، وفي تبريز، سجل مؤشر الهواء 159 ضمن النطاق الأحمر، مع تحذيرات من استمرار ارتفاع تلوث الهواء حتى يوم الأحد.

كما شهدت محافظة خوزستان انتشارًا واسعًا للتلوث، إذ تقع ست عشرة مدينة ضمن النطاق الأحمر أو البرتقالي، مدن عبادان، الأهواز، بهبهان، كارون، خرمشهر، سوسنكرد، شادكان، ماهشهر، ملاثاني وحويزه كلها في النطاق الأحمر، بينما كانت مدن آغاجاري، أميديه، انديمشك، دزفول وشوشتر ضمن النطاق البرتقالي، وقد حذّرت مراكز الصحة المحلية من أن الأطفال وكبار السن ومرضى القلب والجهاز التنفسي يجب أن يقللوا نشاطاتهم الخارجية قدر الإمكان.

عادم السيارات والمصانع 

علّق نائب وزير الصحة الإيراني، علي رضا رئیسي، على الأزمة مؤكداً أن السيارات القديمة تلعب دورًا رئيسيًا في تفاقم التلوث، إلا أنه أشار إلى أن السيارات الوطنية الحديثة لا تختلف كثيرًا، بسبب استهلاكها العالي للوقود، وأضاف أن استيراد قطع الغيار من الخارج وإنتاج سيارات تقليدية بدلًا من السيارات الكهربائية يفاقم المشكلة، وقال إن المشكلة ليست السيارات القديمة فقط، بل حتى الحديثة تساهم في ارتفاع مستويات الملوثات، داعياً إلى تقديم اعتذار رسمي للمواطنين بسبب استمرار هذه الأزمة.

الآثار الصحية 

حذّر خبراء البيئة والصحة العامة من أن استمرار مستويات التلوث المرتفعة في إيران سيؤدي إلى تأثيرات طويلة الأمد على الصحة، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي والقلب، وارتفاع معدلات الحساسية والأمراض المزمنة بين السكان، وأكدوا أن مثل هذه الأيام ستتكرر ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية للحد من مصادر التلوث، بما يشمل تطوير وسائل النقل الكهربائية، تعزيز الرقابة على المصانع، وتحسين البنية التحتية للحد من انبعاث الغازات الضارة.

تواجه إيران تحديات طويلة الأمد في مجال جودة الهواء، خصوصًا في المدن الكبرى المكتظة بالسكان والصناعات الثقيلة، التلوث ناتج بشكل رئيسي عن انبعاثات السيارات القديمة والمصانع الصناعية، إلى جانب اعتماد واسع على الوقود الأحفوري، تؤدي الرياح الضعيفة خلال فصل الشتاء إلى تراكم الملوثات في الطبقات الجوية المنخفضة، ما يزيد من حدة التلوث ويجعل الهواء غير صحي لسكان المدن.

وتشير دراسات البيئة إلى أن التدابير الحالية للحد من الانبعاثات غير كافية، وأن استثمارًا أكبر في النقل المستدام، وتحسين كفاءة الوقود، والرقابة على الانبعاثات الصناعية، بالإضافة إلى تعزيز حملات التوعية الصحية، ضروري للحد من تأثير هذه الظاهرة على الصحة العامة ومكافحة تكرار أيام التلوث الشديد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية