محاكمة "تاكسي القوارب".. القضاء الفرنسي يحاكم شبكة دولية لتهريب المهاجرين

محاكمة "تاكسي القوارب".. القضاء الفرنسي يحاكم شبكة دولية لتهريب المهاجرين
قوارب مراقبة في المانش - أرشيف

دارت في شمال فرنسا واحدة من أكثر القضايا حساسية في ملف الهجرة غير النظامية، وفتحت فصلاً جديداً في مآسي العبور عبر القنال الإنجليزي “المانش”، حيث بدأت، في مدينة ليل محاكمة شبكة دولية متهمة بإدارة عمليات تهريب ممنهجة للمهاجرين باستخدام أسلوب يُعرف إعلامياً بـ"تاكسي القوارب". 

وجاءت هذه المحاكمة بعد سلسلة تحقيقات ربطت نشاط الشبكة بوفاة سبعة أشخاص، بينهم قاصران، لفظوا أنفاسهم الأخيرة على شواطئ سانغات وبارك، في مشهد يلخص حجم المخاطر التي يواجهها الفارون من الحروب والاضطهاد والفقر المدقع، بحسب ما ذكرت شبكة "مهاجر نيوز"، الاثنين. 

وكشفت التحقيقاتُ أن الشبكةَ استغلت يأس المهاجرين وحلمهم بالوصول إلى بريطانيا، مقابل مبالغ طائلة، دون أدنى اعتبار لسلامتهم أو لحقهم في الحياة.

أساليب التفاف خطيرة

اعتمدت الشبكة -وفق ما توصلت إليه التحقيقات الرسمية- على تكتيكات بالغة الخطورة لتجاوز الرقابة الأمنية المشددة على السواحل الفرنسية. 

وعملت على إطلاق القوارب المطاطية من قنوات مائية داخلية بعيدة عن أعين الدوريات، ثم توجيهها نحو البحر لتقترب من الشواطئ، حيث يُطلب من المهاجرين النزول إلى الماء والصعود إليها مباشرة، في ظروف بحرية قاسية، غالباً ما تكون ليلاً وفي طقس بارد وعاصف. 

ويعكس هذا الأسلوب تطوراً مقلقاً في تقنيات تهريب البشر، حيث يتم التعامل مع حياة الإنسان كسلعة يمكن المخاطرة بها في سبيل الربح. 

وأشارت النيابة إلى أن أفراد الشبكة ينحدرون من عدة جنسيات، من بينها سوريا وأفغانستان والسودان، وأنهم نظموا أكثر من خمسين عملية عبور خلال فترة قصيرة، ما يكشف عن حجم الاتجار بالبشر واتساع شبكاته العابرة للحدود.

تداعيات قانونية وحقوقية

يمثل أمام القضاء في مدينة ليل سبعة عشر متهماً، يواجهون تهم تشكيل عصابة إجرامية منظمة، والمساعدة على دخول وإقامة غير قانونية، وتعريض حياة الآخرين للخطر، إضافة إلى تهمة القتل غير العمد بحق أربعة منهم. 

وتأتي هذه المحاكمة وسط تصاعد الدعوات الحقوقية لتغليظ العقوبات على شبكات التهريب، مقابل توفير ممرات آمنة وقانونية للهجرة واللجوء. 

وفي الوقت ذاته، أعلنت السلطات الفرنسية نيتها اعتراض القوارب قبل انطلاقها في البحر، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، إذ يرى فيها البعض رادعاً للتهريب، بينما يحذر حقوقيون من أنها قد تدفع الشبكات إلى ابتكار وسائل أكثر خطورة، ما يضاعف معاناة المهاجرين بدل أن يحميهم.

مسؤولية دولية تنتظر الإجابة

تبقى مأساة القنال الإنجليزي عنواناً صارخاً لفشل السياسات الدولية في معالجة جذور الهجرة القسرية المرتبطة بالحروب وانتهاكات حقوق الإنسان والانهيار الاقتصادي. 

وتنتظر عائلات الضحايا عدالة تنصف أبناءها، فيما تترقب منظمات حقوق الإنسان ما ستسفر عنه هذه المحاكمة من إجراءات رادعة بحق المتورطين، دون أن تكون على حساب الضحايا أنفسهم الذين لم يسلكوا هذا الطريق إلا هرباً من واقعٍ لا يُطاق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية