عام الدم الفلسطيني.. منظمات حقوقية تتهم إسرائيل بتعذيب آلاف المدنيين

عام الدم الفلسطيني.. منظمات حقوقية تتهم إسرائيل بتعذيب آلاف المدنيين
آثار الدمار في غزة- أرشيف

كشفت اثنتا عشرة منظمة حقوقية إسرائيلية، في بيان لها، اليوم الثلاثاء، عن تصاعد غير مسبوق في عمليات القتل والتهجير بحق الفلسطينيين في كلٍّ من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة خلال عام 2025، ووصفت هذا العام بـ"الأكثر فتكًا وتدميرًا" منذ عام 1967.

وامتدت الانتهاكات، وفق ما وثّقته المنظمات، من القصف الواسع إلى التجويع الممنهج، مرورًا بالتهجير القسري، والاعتقال التعسفي، وانتهاءً بممارسات التعذيب وانتهاك الكرامة الإنسانية داخل السجون ومراكز الاحتجاز.

ورسمت الشهادات الميدانية صورة قاتمة لحياة المدنيين الفلسطينيين، حيث تحولت البيوت إلى أنقاض، والمدارس إلى ملاجئ مؤقتة، والمستشفيات إلى مقابر صامتة لضحايا لم يتمكنوا حتى من الحصول على إسعافات أولية. 

وباتت العائلات تعيش في حالة دائمة من الخوف، لا تعلم إن كانت ستمضي ليلتها التالية على قيد الحياة.

تقرير صادم بالأرقام

نقلت وكالة الأناضول، عن البيان المشترك الصادر عن منظمات حقوقية إسرائيلية (من بينها: بمكوم، مسلك، جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، هموكيد، يش دين، أطباء من أجل حقوق الإنسان، نكسر الصمت وغيرها) أن الانتهاكات التي كانت تُعتبر استثنائية في بداية الحرب أصبحت جزءًا من الحياة اليومية للفلسطينيين.

وأشار البيان إلى أن عدد الشهداء في قطاع غزة ارتفع بحلول أكتوبر 2025 إلى 67 ألفًا و173 شهيدًا، بينهم أكثر من 20 ألف طفل وقرابة 10 آلاف امرأة، فيما تشير التقديرات إلى وجود ما لا يقل عن 10 آلاف جثمان ما زالت تحت الأنقاض، في مشهد يلخص حجم الكارثة الإنسانية المستمرة.

كما تجاوز عدد الجرحى 170 ألفًا، كثيرون منهم أُصيبوا بإعاقات دائمة، أو فقدوا أطرافهم، أو يعيشون دون علاج ملائم في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية.

مأساة ومجاعة مصنّعة

تحوّلت الأزمة الغذائية في قطاع غزة إلى مأساة جماعية بعدما اندفعت قوات الجيش الإسرائيلي، منذ مايو 2024، إلى السيطرة على معبر رفح وإحكام حصار خانق، مانعة دخول الغذاء والدواء والوقود إلا بكميات شحيحة جدًا لا تكفي الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.

وسجّلت المؤسسات الإنسانية في يوليو 2025 أكثر من 13 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، قبل أن تُعلن الأمم المتحدة في أغسطس من العام ذاته حالة مجاعة كاملة في أجزاء من القطاع.

وبحلول أكتوبر توفي 461 شخصًا بسبب الجوع وحده، بينهم 157 طفلًا، في واحدة من أكثر صور المعاناة الإنسانية قسوة في العصر الحديث.

ولم ينجُ من هذا السيناريو المرعب حتى من خرجوا بحثًا عن لقمة تسد الرمق، إذ تحوّلت مراكز توزيع المساعدات إلى ما وصفه التقرير بـ"مصايد موت"، بعدما قُتل 2306 فلسطينيين وأصيب أكثر من 16 ألفًا أثناء انتظارهم الحصول على الغذاء، نتيجة إطلاق النار والفوضى المقصودة حول هذه النقاط.

وارتفع عدد المهجّرين في قطاع غزة خلال عام 2025 إلى 1.9 مليون فلسطيني، أي نحو 90% من سكان القطاع، بعدما كان يقارب المليون فقط في العام السابق. 

وهُجّرت العائلات مرات متعددة، من حيّ إلى آخر، ومن خيمة إلى أخرى، دون أي ملاذ آمن.

وانهارت أحياء كاملة، ودُمرت شبكات المياه والكهرباء، وأُزيلت الأراضي الزراعية، وتوقفت المستشفيات عن العمل تباعًا، ما جعل السكان محاصرين بين القصف والجوع والمرض واليأس.

قمع وترحيل واعتقال

امتدت الانتهاكات إلى الضفة الغربية المحتلة، حيث وثّق التقرير ما لا يقل عن 1200 اعتداء نفذها المستوطنون بين عامي 2023 و2024، قبل أن تتصاعد وتيرتها في 2025 إلى عمليات ترحيل جماعي شملت تفريغ 44 تجمعًا رعويًا فلسطينيًا بالكامل، مع تهجير جزئي لعشرة تجمعات أخرى.

واقتُلِع من أرضه ما يقارب 2932 فلسطينيًا، بينهم 1326 طفلًا، في مشهد يعكس سياسة اقتلاع منظمة، تستهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وتوسيع رقعة الاستيطان بالقوة.

وقفز عدد المعتقلين الإداريين، المحتجزين دون تهمة أو محاكمة، من ألف شخص عام 2023 إلى 3577 معتقلًا في 2025، أي ثلاثة أضعاف المعدل قبل الحرب.

ووثّق التقرير 98 حالة وفاة داخل السجون الإسرائيلية نتيجة التعذيب، والإهمال الطبي، والظروف اللاإنسانية، وسط شهادات متكررة عن الضرب والتجويع والاعتداء الجنسي والمعاملة المهينة، في انتهاك صارخ لكافة المواثيق والقوانين الدولية لحقوق الإنسان.

خلاصة إنسانية دامية

خلصت المنظمات الحقوقية إلى أن ما جرى في عام 2025 تجاوز كل حدود التصور، وكشف عن دولة تتحرك دون قيود، وتدوس القانون الدولي، وتنفّذ سياسات ممنهجة ضد شعب أعزل، مؤكدة أن الادعاءات المتعلقة بالأخلاق أو الدفاع عن النفس لم تعد تجد لها أي مكان في ظل هذا الدمار الشامل للإنسان والحجر والشجر.

وفيما لا تزال آلة الحرب مستمرة، يبقى مئات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن عالقين بين الأنقاض، ينتظرون بصيص أمل، أو عدالة تأخرت كثيرًا، في عالم يشاهد ولا يتحرك.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية