عنف طائفي وتهميش.. النساء العلويات في سوريا يدفعن ثمن الحرب والانقسام

عنف طائفي وتهميش.. النساء العلويات في سوريا يدفعن ثمن الحرب والانقسام
وقفة لنساء سوريات - أرشيف

في بلدٍ مزّقته الحرب والانقسامات العميقة، لم تكن المرأة السورية بمنأى عن دوائر العنف والتهميش، بل وجدَت نفسها في قلب الصراع، تدفع أثماناً مضاعفة بسبب انتمائها الاجتماعي أو الطائفي أو الجغرافي. 

ومن بين أكثر الفئات هشاشة اليوم، تبرز النساء العلويات اللواتي تحوّلن، خلال السنوات الأخيرة، إلى ضحايا للعنف المركّب.. عنف سياسي وطائفي، وتهميش اجتماعي، وغياب تام للحماية القانونية، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الأربعاء.

ومع تآكل بنية الدولة، واختفاء منظومات العدالة، وتصاعد الخطاب الانتقامي، بات النساء، ولا سيما في المناطق الساحلية وأرياف حمص وحماة، يواجهن موجة جديدة من الخوف وعدم الأمان، في واقع تتقاطع فيه السياسة مع الأعراف الاجتماعية، ويغيب فيه الحد الأدنى من الضمانات الإنسانية.

جذور التهميش التاريخي

ينتمي العلويون الذين عُرفوا تاريخياً باسم “النصيريين” إلى طائفة عاشت لعقود طويلة في عزلة جغرافية واجتماعية في المناطق الجبلية الساحلية من سوريا. 

وفي هذا السياق التقليدي المحافظ، اقتصر دور النساء غالباً على الأعمال المنزلية والزراعية، في حين حُرمن من المشاركة الواسعة في الحياة العامة أو السياسية.

ورغم ظهور نماذج نسوية مثقفة وفاعلة خلال القرن العشرين، خصوصاً في فترات التعليم والانفتاح المحدود، فإن تلك النماذج بقيت استثناءً أمام ثقافة اجتماعية أبوية عميقة الجذور، جعلت من التغيير مساراً بطيئاً ومحدود الأثر.

المرأة ضحية مركّبة

مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، دخل المجتمع في مرحلة من الانهيار الشامل، ولم تعد المرأة مهمّشة فقط، بل أصبحت هدفاً مباشراً للعنف، سواء عبر فقدان المعيل والأسرة، النزوح القسري والتهجير، الانتهاكات الجسدية والنفسية، الاستغلال الاقتصادي، أو الاغتصاب والاختطاف والابتزاز.

وفي السياق الخاص بالنساء العلويات، برز ما يمكن وصفه بـ”العقاب الجماعي غير المعلن”، حيث وُصمن على أساس الانتماء الطائفي، ليس بسبب أفعال فردية، ما حولهن إلى أهداف سهلة في بيئة يسودها الانتقام وغياب القانون.

وتشير تقارير محلية غير رسمية إلى أن نسبة الأسر التي تعيلها نساء في مناطق الساحل ارتفعت بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة فقدان الرجال في الحرب أو الاعتقال أو الهجرة، ما وضع أعباءً اقتصادية ونفسية هائلة على النساء.

انتهاكات متعددة الوجوه

خلال عامي 2024 و2025، تصاعدت تقارير عن حالات اختطاف في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص، طالت نساءً من أعمار مختلفة. 

تنوعت الدوافع بين، طلب الفدية المالية والزواج القسري والاتجار بالبشر والانتقام الطائفي والإذلال والابتزاز.

وتشير شهادات عائلات الضحايا إلى أن كثيراً من الجهات المعنية امتنعت عن فتح تحقيقات جادة، أو وُوجهت البلاغات بالاستخفاف والتجاهل، في ظل تفكك مؤسسات الأمن والقضاء وغياب سلطة مركزية مستقرة.

وفي بعض الحالات، اضطرت العائلات إلى دفع مبالغ مالية كبيرة دون ضمان عودة المختطفات، في حين عادت بعض النساء في صمت، خوفاً من الوصمة الاجتماعية أو الانتقام.

هذا المناخ خلق واقعاً خطِراً، أصبحت فيه المرأة ساحة مفتوحة للانتهاك، بلا حماية، وبلا صوت.

العنف ضد النساء 

تؤكد الحقيقة الأوسع أن النساء السوريات من مختلف الطوائف والانتماءات (سنّيات، مسيحيات، درزيات، كرديات…) تعرضن لانتهاكات جسيمة، جعلت من أجسادهن وحقوقهن ساحة حرب موازية.

العنف ضد المرأة في سوريا لم يكن استثناءً طائفياً، بل ظاهرة بنيوية غذّتها الحرب والفقر والتشدد والغياب الكامل للمساءلة.

وفي ظل استمرار التوترات، تصبح الحاجة مُلحّة إلى آليات حماية مستقلة للنساء من لجان تحقيق دولية حيادية، ودعم نفسي واجتماعي للضحايا، وبرامج تمكين وتعافٍ، ومنظومة عدالة انتقالية منصفة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية