ذاكرة وصوت للصمود.. سوريات يؤكدن أن عودة الكرامة تبدأ من تمكين المرأة

ذاكرة وصوت للصمود.. سوريات يؤكدن أن عودة الكرامة تبدأ من تمكين المرأة
ندوة التهجير القسري وتحديات الواقع

تجسّد قضية نساء عفرين السورية واحدة من أعمق الجروح الإنسانية في المشهد السوري المعقّد، حيث يتقاطع فيها الألم الإنساني بالمعاناة الاجتماعية، والتهجير القسري بفقدان الهوية، فمنذ سنوات النزاع، تعيش آلاف النساء المهجّرات من عفرين ظروفاً قاسية في مناطق النزوح، في حين يتحول الأمل بالعودة إلى حلم مؤجل. 

وفي ظل هذا الواقع المأساوي، تتزايد المبادرات النسوية الهادفة إلى الدفاع عن حق النساء في الكرامة والعودة الآمنة، وإلى ترسيخ دورهن في بناء السلام وإعادة ترميم المجتمع بعد الحرب.

وفي هذا السياق، نظّم مجلس المرأة في مجلس شهباء وعفرين التابع لحزب سوريا المستقبل، اليوم الأربعاء، ندوة حوارية في مدينة قامشلو بشمال سوريا، حملت عنوان "التهجير القسري وتحديات الواقع وآفاق العودة"، بمشاركة ممثلات عن مؤسسات نسائية وأحزاب سياسية ونساء مهجّرات من عفرين، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA". 

وأجمع المشاركون والمشاركات على أن التهجير القسري ليس حدثاً من الماضي، بل واقع مستمر يستدعي تضافر الجهود الوطنية وتوحيد المواقف لضمان العودة الكريمة وبناء مستقبل آمن ومستقر.

نساء عفرين وبناء السلام

ناقشت الندوة أبعاد قضية التهجير القسري وما تتركه من تداعيات اجتماعية ونفسية واقتصادية عميقة على الأفراد والمجتمعات، مع التأكيد أن المرأة تمثل العمود الفقري في مواجهة آثار النزوح وإعادة ترميم النسيج الاجتماعي الذي مزقته الحرب.

وقدّمت نوروز حسين الناطقة باسم مجلس المرأة، إلى جانب نائبتها نهال إسماعيل، محوراً حول التداعيات الإنسانية والاجتماعية للنزوح على نساء عفرين، أكّدتا فيه أن النزوح لا يُختزل في كونه انتقالاً جغرافياً فحسب، بل هو تجربة قاسية تنطوي على فقدان المأوى والممتلكات وانقطاع الخدمات الأساسية وتفكك الروابط الأسرية، مشيرتين إلى أن تلك الظروف تولّد موجات من الفقر والبطالة، وتضع المرأة في مواجهة مباشرة مع تحديات البقاء والعيش.

وتطرّقت المشاركات إلى أن النساء في المناطق المحتلة من قبل تركيا مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض، يعانين من انتهاكات متعددة تشمل الخطف والتعذيب والاغتصاب والضغط النفسي والاقتصادي، في بيئة تفتقر إلى العدالة والقانون، الأمر الذي يجعل من معركتهن اليومية معاناة مزدوجة بين فقدان الأمان وغياب الإنصاف.

رموز للصمود والإرادة

ورغم قسوة الحياة في مخيمات النزوح مثل الشهباء، حيث تندر الخدمات الأساسية وتضعف ظروف المعيشة، فقد استطاعت نساء عفرين أن يتحولن إلى رموز للصمود والإرادة الحرة. 

وبرزت النساء بوصفهن قوة حقيقية في مجتمعاتهن، يؤدين دور المعيلة والمربية والحامية، ويقدن مبادرات صغيرة لإعادة الأمل، مثل إنشاء مدارس مؤقتة ومراكز دعم نفسي وتعليمي للأطفال، إلى جانب مشاريع اقتصادية تهدف إلى تمكين النساء وتوفير مصادر دخل مستدامة.

ومن خلال هذه الجهود، حولت النساء خيام النزوح إلى رمز للكرامة والمقاومة، وأثبتن أن المرأة السورية قادرة على تحويل الألم إلى طاقة بناء، وأنها ليست ضحية فقط، بل شريكة فاعلة في مواجهة تداعيات الحرب.

توصيات لتعزيز عودة كريمة

اختُتمت الندوة بعد سلسلة من النقاشات الغنية التي تناولت السبل العملية لتعزيز صمود النساء وضمان عودتهن الكريمة، وأسفرت عن جملة من المخرجات كان أبرزها:

- الدعوة إلى إنشاء مظلة نسوية إنسانية تضم منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية لتنسيق الجهود في دعم نساء عفرين.

- رفع توصيات إلى المنظمات الدولية لإدراج الدعم النفسي والاجتماعي ضمن خطط الإغاثة الإنسانية الأساسية.

- تنظيم ندوات ومؤتمرات دورية لمتابعة تنفيذ التوصيات وتقييم الإنجازات، ما يضمن فاعلية البرامج المقدمة للنساء المتضررات.

  • - التأكيد أن تحرير المرأة جزء لا يتجزأ من تحرير الوطن، وأن تمكينها سياسياً واقتصادياً يشكّل الأساس لبناء مجتمع ديمقراطي عادل.
  •  
  • واختُتمت الندوة بتجديد الدعوة إلى استمرار دعم نساء عفرين نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، باعتبار تجربتهن في إقليم شمال وشرق سوريا نموذجاً يحتذى به لكل نساء سوريا في النضال من أجل العدالة والمساواة، وبناء مستقبل يسوده السلام والكرامة.


موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية