"صدمة غزة" تلاحقهم.. انتحار جندي يكشف أزمة نفسية متفاقمة داخل الجيش الإسرائيلي

"صدمة غزة" تلاحقهم.. انتحار جندي يكشف أزمة نفسية متفاقمة داخل الجيش الإسرائيلي
جنود إسرائيليون يحملون أحد القتلى

أقدم رافائيل بارزاني، وهو جندي احتياط من القدس، على الانتحار، في حادثة هزّت الأوساط العسكرية والاجتماعية على حد سواء، وأعادت إلى الواجهة السؤال عن الصحة النفسية لجنود الجيش الإسرائيلي بعد عامين من الصراع والحرب المتواصلة. 

وأكدت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، اليوم الأحد، أن الحادثة ارتبطت بشكل مباشر بما وُصف بـ“صدمة غزة”، في إشارة إلى التداعيات النفسية العميقة التي تطارد الجنود منذ اندلاع الحرب على القطاع، وما خلفته من اضطرابات ما بعد الصدمة واكتئاب مزمن وعزلة نفسية خانقة.

وأشارت الصحيفة إلى أن بارزاني سبق أن عبّر عن معاناته في رسالة مؤثرة كتبها قبل شهرين، عقب انتحار صديقه المقرب روي شاليف، أحد الناجين من هجوم السابع من أكتوبر 2023 على مهرجان “نوفا” الموسيقي. 

وكتب حينها عن “أشهر من الحقيقة والألم والصمت”، مؤكداً أن صديقه كان يعيش حرباً داخلية طاحنة لا تقل شراسة عن ساحات القتال، وهو ما يعكس حجم الألم النفسي الذي رافق كل من عاشوا تلك اللحظات القاسية.

انهيار نفسي بالجيش

تراكمت على بارزاني آثار نفسية متواصلة، رغم انتهاء خدمته الفعلية في قوات الاحتياط عام 2021، إذ ظل يعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، في ظل شعور متزايد بالتجاهل والإهمال من قبل المؤسسات المسؤولة عن متابعة الحالات النفسية للجنود السابقين. 

وعلّق الكولونيل في الاحتياط والمسؤول الأمني السابق غال دوبينر، إلى جانب أوهاد نيمارك، أحد قادة جمعية “عندما يكشف الأقوياء عن أنفسهم”، على الحادثة مؤكدين أنها “ليست حالة فردية”، بل نتيجة مباشرة لسنوات من الفشل في احتواء الجراح النفسية التي عاد بها الجنود من ساحات القتال، ولا سيما قطاع غزة.

وأضاف نيمارك، أن ما يحدث يرقى إلى مستوى “الانهيار”، محذّراً من أن استمرار تجاهل الأزمة سيقود إلى مزيد من المآسي والجنائز. 

وكشفت صحيفة هآرتس أن ما لا يقل عن 15 جندياً مسرّحاً أقدموا على الانتحار منذ بدء الحرب على غزة، في مؤشر خطِر على انتشار الاضطرابات النفسية بين صفوف الجنود، سواء ممن شاركوا في الحرب الأخيرة أو من عانوا صدمات متراكمة في صراعات سابقة.

أزمة علاجية عميقة

أفادت تقارير إعلامية، منها Press TV ووكالة الأناضول، بأن السبب الرئيسي لمعظم هذه الحالات يعود إلى “الواقع النفسي القاسي والمشاهد العنيفة” التي تعرض لها الجنود في غزة، ومنها مشاهد الدمار الواسع، وفقدان الزملاء، والتعامل المستمر مع الجثث والمعارك العنيفة في مناطق مكتظة بالسكان. 

وأظهرت بيانات رسمية أن آلاف الجنود تم تشخيصهم باضطراب ما بعد الصدمة، لكن عدداً كبيراً منهم لم يتلقَّ الدعم النفسي الكافي، بسبب نقص حاد في الموارد المتخصصة داخل الجيش مقارنة بحجم الأزمة الحالية.

تُبرز هذه التطورات خطورة الوضع النفسي داخل المؤسسة العسكرية، وتكشف عن جانب خفي من الحروب لا يُرى بالعين المجردة، لكنه يفتك بالعقول والقلوب بعد توقف صوت السلاح. 

وتعيد هذه الوقائع فتح النقاش حول مسؤولية القيادات العسكرية والسياسية في توفير الرعاية النفسية الكاملة للجنود، وضرورة الاعتراف بأن آثار الحرب لا تنتهي بانتهاء المعارك، بل تبدأ في كثير من الأحيان بعدها، في عزلة صامتة وألم طويل لا يسمعه أحد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية