التلوث يضرب إيران.. اختناق المدن الكبرى وإنذار أحمر في طهران وأصفهان

التلوث يضرب إيران.. اختناق المدن الكبرى وإنذار أحمر في طهران وأصفهان
التلوث يضرب إيران - أرشيف

وصلت مستويات تلوث الهواء في عدد من كبرى المدن الإيرانية، وفي مقدمتها طهران وأصفهان ومشهد وخوزستان، إلى مراحل خطرة وغير صحية، مع استقرار الأحوال الجوية وارتفاع كثافة الملوثات في الطبقات القريبة من سطح الأرض، ما أثار مخاوف جدّية على صحة ملايين السكان، خاصة كبار السن والأطفال ومرضى الجهاز التنفسي والقلب. 

وتفاقم الوضع نتيجة غياب الرياح والأمطار التي عادةً ما تساعد على تشتيت الملوثات، لتتحول الأجواء إلى غطاء كثيف من الضباب الدخاني، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الأحد.

وأعلنت شركة مراقبة جودة الهواء في طهران، بوصفها المصدر الرسمي لبيانات العاصمة، أن مؤشر جودة الهواء خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بلغ 132، وهو رقم يُصنف ضمن مستوى “غير صحي للفئات الحساسة”. 

وأشارت إلى أن المؤشر اللحظي عند إعداد التقرير استقر على 125، مؤكداً استمرار الخطورة على الأطفال والمرضى وكبار السن. 

وبحسب التصنيفات المعتمدة لمؤشر جودة الهواء، فإن المستويات من 101 إلى 150 تُعد غير صحية للفئات الحساسة، ومن 151 إلى 200 غير صحية لجميع الفئات، في حين يمثل تجاوز 300 مرحلة “الخطر الشديد” التي تتطلب إجراءات طوارئ فورية.

واقع قاتم في طهران

كشفت البيانات السنوية أن طهران لم تشهد سوى ستة أيام فقط بهواء نظيف منذ بداية هذا العام، مقابل 108 أيام سجلت مستويات غير صحية للفئات الحساسة، وهو ما يعكس اتساع ظاهرة التلوث وتحولها إلى أزمة مزمنة ترتبط بعوادم المركبات والانبعاثات الصناعية وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري منخفض الجودة في الشتاء.

وسجلت مدينة أصفهان واحدة من أسوأ حالات التلوث، حيث بلغ متوسط المؤشر 164 وفق بيانات 15 محطة قياس نشطة، ما وضعها في المستوى الأحمر المصنف على أنه “غير صحي لجميع الفئات”. 

وأصدرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية في أصفهان تحذيراً برتقالياً، مشيرة إلى أن استمرار استقرار الأحوال الجوية حتى الثلاثاء 9 ديسمبر سيؤدي إلى تفاقم تركيز الملوثات، مع احتمال وصول بعض المناطق إلى “حالة الخطر” إذا لم تُفرض إجراءات عاجلة للحد من المصادر الملوثة.

امتداد الأزمة إلى مشهد

شهدت مدينة مشهد في خراسان رضوي تدهوراً مماثلاً، حيث سجل مؤشر جودة الهواء اللحظي 121، في حين وصلت بعض المناطق مثل نخريسي ووحدت وتقي آباد ورسالت وساختمان إلى مستوى أحمر غير صحي للجميع. 

وفي محافظة خوزستان، ارتفعت المؤشرات إلى 163 في كارون و162 في شادغان وماهشهر و154 في دشت آزادكان و151 في عبادان، إضافة إلى مستويات مرتفعة في مدن أخرى مثل الأهواز وخرمشهر وشوشتر، ما يشير إلى انتشار جغرافي واسع للمشكلة البيئية.

وحذرت منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية من موجة اضطرابات جوية متوقعة بين الاثنين والأربعاء (8 – 10 ديسمبر)، تشمل أمطاراً غزيرة وتساقطاً للثلوج ورياحاً شديدة وضباباً كثيفاً في 17 محافظة، منها أذربيجان الشرقية والغربية وكردستان وكرمانشاه وطهران وخوزستان ولرستان وقزوين وأردبيل. 

وأصدرت تحذيراً برتقالياً بشأن احتمال انزلاق الطرق وتعطّل حركة النقل وانخفاض الرؤية وخطر الفيضانات، داعية المواطنين إلى تجنّب السفر غير الضروري وتجهيز المركبات بمعدات الشتاء.

مخاوف صحية متصاعدة

حذرت السلطات الصحية من أن استمرار هذه المستويات المرتفعة من التلوث قد يؤدي إلى زيادة حالات الاختناق والربو والتهابات الجهاز التنفسي والنوبات القلبية، مطالبة السكان بتقليل الخروج من المنازل واستخدام الكمامات الواقية، ولا سيما في الفترات الصباحية والمسائية التي تشهد ذروة التلوث.

وتعكس هذه التطورات أزمة بيئية وهيكلية تعاني منها إيران منذ سنوات، نتيجة للتوسع الصناعي غير المنظم، والازدحام المروري الكبير، وضعف السياسات البيئية الرادعة. 

وفي ظل توقع استمرار هذا السيناريو خلال الأيام المقبلة، بات ملايين السكان محاصرين بين هواء ملوث وطقس قاسٍ، في انتظار تحرك فعلي يحد من خطر يتحول تدريجياً إلى تهديد يومي للحياة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية